الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

فضل العِفّة في الإسلام

فضل العِفّة في الإسلام
23 مارس 2017 23:53
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثونَ* الَّذِينَ يَرِثونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، «سورة المؤمنون: الآيات 1 - 11». جاء في كتاب «إيجاز البيان في سور القرآن للصابوني» قوله: «سُمِّيت السورة الكريمة «سورة المؤمنون»، لأن الله تعالى ذكر فيها جلائل أوصافهم، وكرائمَ صفاتهم، وعَرَض فيها للفضائل الإنسانية التي تحلّى بها أولئك الصفوةُ المؤمنون من عباد الله المخلصين، ولذلك سُمِّيت «سورةُ المؤمنون»، تخليداً لهم وإشادةً بمآثرهم وفضائلهم، وتبتدئ السورة الكريمة بأوصاف المؤمنين العظيمة التي استحقوا بها ميراث الفردوس الأعلى في جنات الخُلد مع النبيين والصدّيقين)، «إيجاز البيان في سور القرآن للصابوني ص97-98». وجاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني: «أي أولئك الجامعون لهذه الأوصاف الجليلة هم الجديرون بوراثة جنة النعيم، أي الذين يرثون أعالي الجنة التي تتفجر منها أنهار الجنة»، وفي الحديث «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ»، وهم دائمون فيها لا يخرجون منها أبداً، ولا يبغون عنها حولاً». (صفوة التفاسير للصابوني 2/‏‏‏304) ومن هذه الأوصاف الجليلة للمؤمنين كما في الآيات السابقة، قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)، أي أنهم عفّوا عن الحرام وصانوا فروجهم عمَّا لا يحلّ من الزنا واللواط وكشف العورات، أي هم حافظون لفروجهم في جميع الأحوال، ولعلك تجد أخي القارئ في هذا التعبير دقة بالغة، إذ عبّر عن الفروج بالحفظ، كما عبّر عن الصلاة بالحفظ (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)، كأن حفظ الأعراض لا يقلّ عند الله سبحانه وتعالى عن حفظ الصلاة، فهذه عبادة وتلك عبادة. خُلُقٌ إيماني والعفة خُلُق إيماني رفيع، ومعناها في الإسلام صيانة النفس والروح عن الدّنايَا، حتى ولو كان للبدن في ذلك لذة وشهوة، فالعفة هي طلب العفاف وكَفُّ النفس عن المحارم التي حرمها الله سبحانه وتعالى، والاكتفاء بما أحلّ سبحانه وتعالى وإن كان قليلاً، ونظراً لأهميتها، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، كما في قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، «سورة النور: الآية 33»، كما حثّ عليها نبينا- صلى الله عليه وسلم- في عددٍ من الأحاديث الشريفة، منها قوله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهُمَّ إني أسأَلُكَ الهُدَى والتُّقَى، والعَفَافَ والغِنَى»، (أخرجه مسلم). «عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ»، (أخرجه الطبراني). «ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ». (أخرجه الترمذي). الإسلام يحث على الزواج من المعلوم أن الإسلام لا يحارب الشهوة أو الغرائز، لكنه يعمل على تهذيبها ضمن الأُطُرِ الشرعية، فقد حرّم الإسلام الزنا وأوجد البديل، وهو الزواج كما جاء في الحديث الشريف: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ»، (أخرجه الشيخان). لذلك يجب علينا أن نُيَسِّرَ أمرَ الزواج للشباب حتى نحميهم من الانحراف الذي وقع فيه بعضهم، كالنظر الحرام، وشهوة الاستماع إلى الأغاني الماجنة، وشهوة النظر إلى المجلة الخليعة... إلخ، ومما يُؤسف له عزوف بعض الشباب والشابات عن الزواج بحجة أن الزواج متاعب في الحياة، يعني: أنه يتطلب مصاريف وتكلفة للحياة، والعجيب أن السلف الصالح كادوا أن يُجمعوا على أنَّ من كان فقيراً فعليه أن يتزوج؛ لقوله سبحانه وتعالى: (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، «سورة النور: الآية 32»، قال عمر: «مَنْ كان فقيراً فعليه بالزواج»، كانوا يرون أن الزواج فاتحة خير إن شاء الله. هذا هو ديننا الإسلامي الحنيف الذي يرشدنا إلى وجوب التحلي بمكارم الأخلاق، وعندما نتمسك بالأخلاق الفاضلة فإنها تعود علينا بكل خير، فالرسالة الإسلامية جاءت من أجل إتمام مكارم الأخلاق لقوله- صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ»، (أخرجه أحمد).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©