الموهبة رسالة، عليك إيصالها للعالم. هي ليست كنزاً خاصاً تدفنه في ذاتك، لا يولد كل الأشخاص بالموهبة ذاتها، يختص الخالق بها أشخاصاً معينين، إذا استشعرتها في نفسك لا تقتلها بالإهمال واللامبالاة. يسأل البعض: ولكن كيف يستشعر المرء ذلك في نفسه؟ أقول إن صاحب الموهبة وحده يعرف الإجابة، لأنه أبداً في حالة قلق، قلق لا يهدأ على الرغم من كل المحاولات المعتادة التي تُهدئ قلق الإنسان العادي، هو ليس نوع القلق الذي ينتاب العامة، ليس هو قلق من الغد المجهول، أو قلق على الولد، أو قلق على الترقية في الوظيفة، أو القلق على موعد العمل وعدم الوصول في الوقت المحدد للحصول على موقف سيارة، هو ليس القلق من أن يفوتك حضور مناسبة أو احتفالية ما، هو ليس قلق ألا تكون محبوباً ممن تحب، وليس قلق ألا يعجب بك أحدهم أو ألا يعجب بك الجميع، هو ليس قلقاً على مظهرك أو أناقتك وسيارتك وتسريحة شعرك ونظافة ملبسك أو لذة طعامك وتوافره، هو ليس قلقاً على أي مما سبق. قلق صاحب الموهبة مختلف، هو لا يهتم بكل مما سبق، ما يقلقه هو أسئلة الوجود الكبرى، هدف الإنسان في الحياة، دوره الجوهري، يهتم كثيراً بالجوهر، ولا تعنيه قشور أي شيء، وهو مهموم بالإنسان في المجمل، بمفهوم السعادة والخير والعدالة، يحلم بهذه القيم تسود الأرض، ويقضّ مضجعه إدراكه العميق أنها لن تسود؛ ليس على فترات طويلة، وليس على رقعة كبيرة. يتألم لوقوع الظلم على أي كائن، يشعر بالأمر يمسّه بشكل شخصي وخاص، وكأنه مسؤول عن سعادة العالم. الموهوب شخص لا تسعده الأشياء المادية، يبحث عما وراء المادة بحثاً عن سعادته ومعنى وجوده، وهو في حالة بحث دائم عن الحقيقة. لذلك أقول إن الموهبة لن يتعرف عليها إلا صاحبها، ومن امتلكوا من الحس المرهف ما يكفي ليميزوا شخصاً يحترق في أيامه بجمرة الموهبة. هذه الجمرة لن تهدأ حتى يعيش الموهوب وفقاً لاشتراطات موهبته، أن يخرجها من قلبه ويضعها أمامه، ويتعامل معها ويوصل حرارتها للعالم، العالم مستمر حتى الآن على الرغم من النكبات العديدة؛ لأن هناك أشخاصاً قلوبهم اشتعلت بضوء الموهبة التي أناروا بها الطريق. لا تظن أنك صغير وغير قادر، إذا كان قلبك يعتمل فيه بركان الموهبة فلا تقمعه، لا تردمه، دعه ينفجر وعبر عن موهبتك، هي رسالتك، وأنت رسول، وعلى الرسول إيصال الرسالة.