إن أنت حققت نجاحاً فسوف تحاط بأصدقاء مزيفين، وسوف تطوق بأعداء حقيقيين. النجاح يجلب الأصدقاء، كما أنه يجلب الأعداء، ولكن مرايا الأصدقاء يكون عليها الكثير من الغبار، وصورتك في أعينهم ليست كما ينبغي، لأنهم لم يأتوا إليك بقلوب صافية، ولا بضمائر واعية، ولا بنوايا حقيقية، إنهم يبتسمون لك ويصفقون لك، ليس لأنهم فرحون بما أنجزته، وإنما لأنهم يقلبون الصورة، كما تقلب المياه الجارية الأشجار الواقفة، وتجرفها إلى أماكن بعيدة عن النهر.

الأصدقاء المزيفون مثل العملة الفاسدة، هم مثل الحلي المقلدة، لا قيمة لها إلا في صورتها، ولا ثمن لها إلا في مظهرها، الأصدقاء المزيفون يصفقون لك وفي أنفسهم غرض، ألا وهو مصالح ذاتية، قد تكون معنوية، وقد تكون مادية، المهم في الأمر أن عربتهم تمشي على أرض طينية، زلقة، سرعان ما تكتشف أنهم سراب، وأن مسعاهم نحوك ما هو إلا فعل من أفعال مسيلمة الكذاب، وصفاقة عبدالله بن ميمون القداح، ومثله عبدالله بن سبأ.

المزيفون موجودون في بقعة من بقاع الأرض، كما هو الظلام، وكما هو الجفاف الذي يصيب الأرض، وكما هي الطفيليات التي تفتك بالأجساد، هم موجودون لأنهم يجدون من يصدقهم، ويعتني بأكاذيبهم ونفاقهم وابتساماتهم الصفراء، وأحياناً الرمادية. وكما أن الأصدقاء المزيفين كثر، فإن الأعداء لا يقلون عدداً، فهذه الحياة مليئة بالأنوات المنتفخة مثل الجيف الملقاة على أرصفة النسيان.
عندما تحقق أنت نجاحاً ما، فإن بعض الأشخاص يشعرون بحكة في ظهورهم، وتنتابهم حالة من الهستيريا، تجعلهم يفكرون في تدميرك، وقد يذهبون إلى أقصى حدود اللاأخلاقية، بحيث ينعتون نجاحك بأفظع الأوصاف، فيستخفون، ويسفون، ويتعسفون، وينسفون، ويخسفون، ويكسفون، ويجعلون نجاحك سبة في جبين الوجود، ليس لشيء، وإنما لأنهم لا يريدون أن يروا إنساناً ناجحاً، فهذا النجاح يستفز (أناهم) ويغيظه، لأن الإنسان الأناني يرى نفسه بحجم الجغرافيا، فكيف به يتحمل من يزاحمه، إنه يشعر بضيق التنفس والاكتئاب، لمجرد سماعه خبر نجاح إنسان، وأياً كان هذا الإنسان قريباً أم بعيداً، فلا فرق لديه، لأن الأناني ليس لديه أقارب، ليس لديه أحبة، الناس في نظره كائنات غريبة لا تمت له بصلة. ومع كل هذا الطوفان من قبل الأصدقاء المزيفين، والأعداء الحقيقيين، عليك أن تذهب إلى النهر، وتشرب من الماء حتى الإرواء، فالحياة دائرة، وعليك أن تكمل الدائرة بأي حال.