مع المستقبل، في خضمه، في وعيه، تدخل دبي في الحلم نفسه، في منتهى الطموح، وعند غايات الحياة الزاهية، التدريب لتلبية احتياجات المستقبل، هو ديدن دبي، هو بحرها الذي تذهب فيه الزعانف إلى أقصى الحب، إلى ذروة الالتئام. لا يتطور العالم إلا بوجود الأشرعة التي تأخذ بالسفن على ظهر الموجات، لتبدو مثل النوارس محلقة في الفضاء، محدقة في الأفق، والأجنحة هي هذه الكوادر الشابة اليافعة المتطلعة إلى غد يشرق بالإبداعات ويتألق بالمعاني الجميلة، ويتأنق بالإرادة الصلبة والعزيمة الواثقة.. أكاديمية دبي للمستقبل، هي الزورق الذي سيقل الأفكار إلى حيث تكمن الحياة، وسينقل أعضاءه إلى مكان في المجد، لأجل أن تبقى الإمارات، كوكباً درياً يهطل بالضوء على جباه العشاق، ويسري في الليل، لينير الطريق أمام الماشين نحو المستقبل، بتؤدة وأناة، من أجل تمكين الوطن وتحصينه، بحزام أمان واطمئنان، مادته هؤلاء الشباب الغر الذين يحبطون في غابة الأمل، لأجل تشذيب الأشجار وتهذيبها وتخصيب أغصانها، حتى تثمر وتستمر في الإثمار والإعمار والإبحار، وفك عقد الأسرار في هذا الكون، في هذه الحياة التي تحتاج إلى أكثر من جاك دريدا، وإلى أكثر من فرويد وإلى أكثر من هايدجر، لأن وجودنا يحتاج إلينا ولأننا نحتاج إلى وجود مطوق بالسلام الإنساني والأمان الكوني. أكاديمية دبي للمستقبل، هي في المستقبل، في كفة عند جبينه، هي في الحفظ والصون ما دام هناك عقول تفكر وقلوب تسهر على حماية المنجز وصيانته من كل غث ورث.. هذه الأكاديمية، هي المكان الذي تبني فيه الفراشات شرنقات البقاء وتمضي في الحقول، تسأل عن وردة العطر، وعن ثمرة الرحيق، هذه الأكاديمية، هي نقطة الضوء باتجاه الأفق، هي محطة الانطلاق نحو السعادة، وبناء العلاقة الوطيدة مع الأحلام الزاهية، هذه الأكاديمية صبوة الفرسان ونخوة الشجعان، وهم يدخلون المحيط بسواعد مزملة بالإرادة وعيون مثل لؤلؤات الأعماق، وعقول منفتحة على العالم مثل المحيطات، وقلوب هي مزارع الهيل والزعفران. هذه الأكاديمية، بعض من كل شيء، من أشياء تقدمها دبي للناس أجمعين، ليدخلوا الوجود الإنساني بثياب لا يبللها عرق، ونفوس لا يكسرها الأرق، إنها الحنين إلى ما جاش في أفئدة الأولين، الذين طوعوا الصحراء، وروّضوا البيداء، وساروا بالجياد، مكللين بالأمل، مجللين بالجذل، مكللين برايات الظفر على كل ما ينفض ويدحض أكاديمية دبي للمستقبل، هي القدرة الفائقة، باتجاه الكثيب الرهيب، ونحو أيام الإمارات الزاخرة بالعطاء، نحو أحلام الإنسان المزدهرة بالانتماء، نحو ذاكرة تنهل من معين لتصب في سهول الحياة عبق السماوات، وتمنح الزمن مزيداً من العمر، مزيداً من أغصان الشجر، كي تملأ الظلال المكان والزمان، وتستسلم الشمس، لإرادة أقوى من اللهيب، وعزيمة أعظم من حرقة الصيف الرهيب.. أكاديمية دبي للمستقبل، مكان في العالم، مكانة بين البشر، وإمكانية تفوق تصور كل متشائم ومنقبض، هي الممكن الذي لن يعرف المستحيل، طالما سكنت العين، هناك في الأبعاد الأربعة، في النبع الجزيل.