حتى لو أوقفوا الحكم الألماني دينايز أيتيكن أو جمدوه أو غرموه.. يكفيه أنه كان هناك.. كان في مباراة المستحيلات والأمنيات.. كان يشارك الكرة احتفالها في ليلة لا تحدث كثيراً.. تشبه تلك الليالي التي يعلنون فيها أن القمر سيكون في مدار غير المدار، أو أن الأرض ستقع بين كوكبين.. شيء من هذا القبيل.. في ليلة برشلونة وباريس سان جيرمان، كانت الكرة في مدار غير المدار.. كانت مجنونة ربما.. كانت تغني، فلا تلوموا الحكم إن غنى أو جنّ. يعلم المقربون مني أنني «مدريدي»، لكنهم يعلمون أنني أنحاز للعبة، حين تفرض عليّ أن أنحاز لها، وفي ليلة برشلونة وباريس سان جيرمان، كان الأمر أشبه ببعض من جنون.. كانت ليلة للكرة، وهي من اختارت برشلونة.. كل الحسابات لم تكن تؤدي إلى ما حدث، وكل التوقعات لم تتخيل هذا الجنون الطاغي، لكنه حدث بسداسية ألهبت العواطف، وضجت لها الدنيا، ولم أفطن إلى نفسي إلا وأنا أقفز مع من يقفزون وأشارك في أمسية صخب غير معتادة، وبعدما أفقت عاتبت نفسي: لكنه البارسا، فردت: بل إنها الكرة.. نعم كانت ليلة للكرة، وهي تستحق كل ما حدث وأكثر. حين خسر برشلونة مباراة الذهاب في دوري الـ 16 بدوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان برباعية نظيفة، كان ذلك عنواناً لأمر قد حسم وانتهى، وحين تقدم البارسا في العودة حتى الثلاثة، بدا ذلك كثيراً، حتى جاء هدف الباريسيين، لتتعقد المسألة أكثر، والسداسية هي أفضل حل للعقدة بهذا السيناريو وتلك الدراما.. طالما أنها ليلة للجنون فكل ما فيها محتمل. المباراة لم تكن خياراً مباحاً على الإطلاق لأصحاب القلوب الضعيفة، من هنا أو هناك.. كل ما فيها كان خطراً على الصحة العامة، لكنه ذلك الخطر الذي يشبه خوض تجربة القفز بالمظلة لم يتعلمها للمرة الأولى، وإصرار البارسا من البداية حتى النهاية هو أكبر دليل على أنه كان يستحق، وخسارة باريس سان جيرمان بالستة في الإياب، بعد رباعيته في فرنسا، دليل أيضاً على أنه يستحق.. يستحق أن يخرج من المشهد؛ لأنه لم يدرك جيداً مع من كان يلعب.. لقد كان مع أبناء الكرة وسحرتها الذين يأتون بما لا يأتي به غيرهم. الجدل حول قرارات الحكام يحدث، لكن سداسية أكبر من جدل، وعودة برشلونة غير المسبوقة في تاريخ الكرة تكفيه، فلم يعد أحد قبله من «الموت الكروي». كلمة أخيرة: هناك في الكرة.. ما يستحق أن يشجعه كل البشر