في مباراة المنتخب المصري أمام الكونغو التي تأهل منها الفراعنة إلى كأس العالم، كانت ضربة جزاء أهداها القدر للمصريين تساوي الدنيا كلها، واتجهت الأنظار إلى اللاعب الذي بإمكانه أن يتحمل كل هذا الضغط وهذا العبء الثقيل في الدقيقة الأخيرة للمباراة، فكان محمد صلاح الذي سجل هدف الفرحة والصعود والعودة إلى المونديال بعد غياب دام 28 عاماً. وفي مباراة منتخبنا أمام عُمان في نهائي كأس الخليج الأخيرة، أضعنا ضربة جزاء في وقت قاتل، كانت كفيلة بإنهاء كل شيء، وفي نهائي كوبا أميركا 2016 كانت ضربة الجزاء التي أضاعها ميسي في المباراة النهائية حاسمة في فقدان «التانجو» لقباً عز عليهم. ضربات الجزاء ليست مجرد تسديدة يتصدى لها لاعب، لكنها صراع ربما أشد قسوة من الأهداف الطبيعية.. على اللاعب فيها أن يتحمل عبء كونه يتصدى لهدف مضمون، عليه أن يسجله، ومن هنا فإن ما حققه كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد من صدارة عالمية على صعيد تسديد ضربات الجزاء، هو أمر يصب في مصلحته تماماً، ويمثل إضافة كبيرة للاعب كبير، يمكن الاعتماد عليه في كل الأوقات والظروف. لقب «بينالدو» الذي أطلقه عشاق برشلونة وميسي على النجم البرتغالي، يندرج ضمن الحملات الجماهيرية المعتادة التي تفسر كل أمر حسب هواها، حتى النجاح ترى له وجهاً مغايراً، ولا شك أن تفوق «الدون» على ميسي في هذا الجانب وكسره الحاجز العالمي في النسبة المقررة للتسجيل من ضربات الجزاء، تأكيد على أنه لاعب استثنائي في كل شيء.. في اللعب وفي إحراز الأهداف، سواء الطبيعية أو من ضربات الجزاء. يحفظ سجل التاريخ الكروي الكثير من المباريات التي كانت ضربات الجزاء أو ركلات الترجيح فيها فارقة، وكم من بطولات تسببت فيها ضربات جزاء أو إضاعتها، ووجود لاعب في صفوف أي فريق قادر على استثمار هذه الفرصة بنجاح، هو أمر يصب في مصلحته تماماً، وغير ممكن أن تتحول هذه القدرة الخاصة والجرأة وتماسك الأعصاب إلى سلبية نظلم بها صاحبها. رونالدو الذي أحرز 61 هدفاً من أصل 293 سجلها في الدوري الإسباني من ضربات جزاء، والذي تصل نسبة تسجيله من ركلات الجزاء 84 في المائة، لاعب متعدد القدرات والمواهب، وأهمها على الإطلاق من وجهة نظري هذا الثبات الذي يتحلى به في مواجهة حراس مرمى الخصوم، وهو ثبات لا يأتي بالتدريب بقدر ما يأتي من الداخل.. حين تصبح الموهبة رهن إشارة صاحبها.. حين تعشق الكرة.. القدم التي تسددها، وتتوق الشباك لاحتضان أهدافها. كلمة أخيرة: نادرون.. من يخترقون حاجز قوانين الكرة ويحلقون وحدهم في فضاء صنعوه لأنفسهم.