الصور التي تتسرب عن الرئيس الأميركي الجديد كثيرة، والمتربصون بـ«ترامب» كثر، ولا هو صديق متعاطف مع الإعلام، ولا وسائل الإعلام ستكف عن التحرش به، فاللعبة السياسية واللعبة الإعلامية أحياناً تتقاطع، وقلما تتلاقى عند الأمم المتقدمة، و«ترامب» ليس بذكاء «أوباما» في التعاطي الحذر والعقلاني والتلاعب بالكلمات مع الإعلام والجماهير، ربما مهنته الأولى، المحاماة، هي من علمته ذلك، إضافة إلى أنه كان منذ البداية يريد أن يبيض وجه أول رئيس أسود تنتخبه أميركا، «ترامب» يدخل بالعرض في كل مسألة، ولا يبالي، جزء من عقلية «الكابوي» الغربي، والغطرسة الرأسمالية، وطبيعة التصرف الأميركي حيال أمور الحياة، الغالب عليها روح الدعابة والسخرية واللامبالاة. وآخر هذه التسريبات وليس آخرها، تصوير عن بعد لما كان يدور بين الرئيس الأميركي، وطاقم موظفي المكتب البيضاوي، وجو المشاحنات والتوتر، وعدم انسيابية سير العمل، كما كان ينبغي أن يسير في بيت الآلهة التي تسيّر مصائر حكومات كثيرة في العالم، وتتحكم بمقدرات كثير من الشعوب، فشخصية «ترامب» ليست سهلة، بل مركبة أو بمعنى أنه مزاجي، وصعب التكهن بردات فعله أو تصرفه، ربما يحرج الآخر نتيجة عدم استيعابه للموضوع أو لعدم الانتباه الجيد لقول الآخر، وربما لأنه يفكر لحظتها بحسابات مختلفة، وقلما تخرج من لقائه بأي نتيجة مضمونة في اليد، لذا على الطرف المقابل أن يضع في اعتباره أسوأ الأمور، ليظهر ببعض التفاؤل، وليس بخيبة الأمل. سنخرج من الحديث عن «ترامب» الذي ستظل درجة حرارته عالية، طوال مدة رئاسته التي لن تطول، ولكن ربما تقصر إلى الحديث عن الشخصانية أو الشخصية المفردة والتي يتأثر بها الناس سلباً أو إيجاباً، ومن أصعب تلك الشخصيات التي تمر علينا في حياتنا، وفترات عملنا الشخصيات المزاجية، وخاصة إذا كانت على درجة عالية من الجهل أو على درجة عالية من الفهم، فالأولى لا تشتغل، ولا تخلي غيرها يشتغل، والثانية لا يعجبها العجب، حتى أنها من زيادة فهمها، تصبح شخصية ديكتاتورية، لا أحد يفهم مثلها أو غيرها، لذا تفرض رأيها، وربما سفَّهت رأي الآخرين، وعطلت الإبداع والإنتاج. لكن لكل شخصية مفاتيحها، ومفاصل أسرارها، فقط تحتاج لقراءة، البعض سهل أن تقرأه، والبعض يستعصي على الفهم، حتى يبيح لك بنفسه أسراره، لكن عليك أن لا تشعره مرة أنها نقاط ضعف، حينها سينقلب عليك، وتتحول صداقته لعداوة مطلقة، فالحذر المتوخى أمام مثل تلك الشخصيات أمر ضروري، لكي تسير القافلة، ولا نعطي مجالاً لأحد لكي يضع العصا في العجلة، كما علينا أن نتعامل مع درجة حرارتهم المرتفعة بكثير من الكمادات دون أن يشعروا!