عندما يكذب عليك شخص فتأكد أنه خائف وضعيف، الضعفاء خائفون ومرتجفون لا يمتلكون القدرة على مواجهة الآخر، بوجه واضح وصريح، ولذلك فهم مزيفون ومزدوجو الشخصية، هؤلاء ناقمون على الآخر قد يكون الآخر، أباً أو أماً، أم أحد الأشقاء أو مجتمعاً ما، ولذلك كي يشعروا أنهم متفوقون على الآخر فإنهم يدسون إليه الكذب كوسيلة للإحساس بالنصر، وهؤلاء مثقلون بالرواسب الزمنية، محملون بأوهام وألغام ماضوية، تجعلهم يحسون أنهم مظلومون ولا وسيلة لديهم للتخلص من الإحساس بالظلم إلا الكذب والمراوغة، وأحياناً المداهنة، وارتداء الأقنعة، فالكذب وسيلة دفاعية نفسية، لا يشعر بها الشخص الكاذب لأنها تنبع من اللاشعور، هذا اللاشعور مختزن الدفاعات النفسية المتمثلة في الكبت والإزاحة للتملص من الشعور بالنقص والإحساس بالدونية، وينتشر الكذب في الأوساط الأسرية المرتبكة، ويصبح مرضاً عندما يؤدي بالأشخاص إلى مزالق ومهاو خطيرة تؤثر على علاقتهم بالآخرين وعلى حياتهم المعيشية، فالكذاب ظالم ومظلوم ومن يكذب قد لا يتوقف كذبه في حدود الكلام والقصص اليومية التي يحيكها الكذاب، بل قد تتعدى ذلك ليصبح سلوكاً شاذاً يتطور إلى ممارسات عدوانية تضر بالشخص وبالمحيط من حوله، ما يحصل اليوم من تصرفات عدوانية من قبل أشخاص ضد أسرهم وضد مجتمعاتهم هو نتيجة لبدايات تربوية خاطئة، تطورت إلى مستوى العدوانية، فعندما تسمع عن ابن يقتل أباه أو أمه فادرس الحالة وعد إلى الماضي ستجد أن الجذور بدأت منذ الطفولة ثم ترعرعت وسط جو ثقافي ملوث بأفكار سامة نتج عنه هذا التصرف العدواني. الإنسانية اليوم بحاجة إلى تغيير الأفكار وإلى تنوير العقل بأفكار سليمة صحيحة، أفكار تقوم على تقوية الشخصية، وشحنها بقيم الحب ونبذ العدمية والاكتئاب السوداوي.. الإنسانية بحاجة إلى فلسفة جديدة في التعاطي مع الصغار لأنهم كبار المستقبل، وإخراجهم من دائرة الإجابات الجاهزة، والمعدة سلفاً من قبل مدعي الفهم وإدخالهم في دائرة الأسئلة المفتوحة وإطلاق العنان لهم كي يشاركوا في مصير الإجابات من دون وصاية أو وشاية أو دعاية، من ثم سنجد لدينا أشخاصا لا يكذبون لأنهم ليسوا بحاجة إلى الكذب طالما هم على ثقة بما يعولون ويتصرفون، وبالتالي تصبح العلاقة سوية كما هي النفس التي لا تعاني ضغوط الخوف وتراكمات العنف.