عندما ترسم القيادة خارطة التطلعات على صفحات السماء، وعندما تضع الطموحات عند شغاف الفضاء، فإن العقول تصبح أجنحة للإرادات، والقلوب حدقات تضيء الدروب، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وضع السقف والحدود، لتسير القافلة المبجلة باتجاه الشمس، وتمضي نحو هفهفات النجوم، وترسخ العقيدة التنويرية بذهنية لا سقف لها إلا اللامتناهي، ولا حد لها إلا الماورائي، وحكمة الفلاسفة تقول: الشيء الذي أعرفه جيداً أنني لا أعرف شيئاً، وعندما يصل الإنسان إلى مثل هذه القناعات، فإن أحلامه تصبح خيوطاً ممتدة من السماء إلى الأرض، وتصير المحيطات قوارب تنقل الأفكار والأسبار والأخبار، والإنسان هو المحور وهو الجوهر، هو الحقيقة الدافعة المرسومة على وجه القمر ضوءاً منيراً، والمنحوتة على سطح الأرض عشباً قشيباً. عندما يكون القائد هو العلم والقلم، وهو السر في بوح خير الكلم، يكون الوطن، مجلداً تنمو في صفحاته الكلمات مثلما تنمو الزعانف في أعماق البحار، مثلما تنمو الأزهار على أعناق الشجر، هذه هي سيمفونية الإمارات، وهذه هي أسطورة الخلود التي تنشدها موجات البحر عندما تلامسها أفكار الذين جبلوا على الإبداع، وصارت البلاغة، حبات العقيق تجري على شفاههم، ومحمد بن راشد لا يحكم، وإنما يعلم كيف يكون الحكم، وكيف يقتطف الناس زهرات العلم من واقع تجربة وخبرة تمتد من أتون الأرض إلى عنان السماء.. والسماء في بلادنا تمطر وعياً كونياً، حيث الإمارات الآن هي مهبط الأفكار ومنبت الأخبار، وهي في المسار قطار ركابه نخب، وطريقه تذهب إلى حيث يكمن السر العجب. ففي هذا المكان، في هذا الزمان إنسان يلون الوجدان بزهور الأفنان، ويمضي بالركب نحو غايات شامخة البنيان، فيها من البيان ما يلهب الأكوان، ويضع النجوم قلائد على النحور وفرائد على الصدور، ويرفع النشيد عالياً من أجل عالم واحد تضيء سماءه أفكار تحمل مصابيح السعادة لكل الناس، ومن أجل الناس. في الإمارات أغنية ألحانها من تغاريد الطير، وكلماتها من مفردات الموجة، والعازفون هم الشرفاء والنبلاء والنجباء النابتون في الأرض، كما هي النخلة، كما هي الفضيلة، كما هي هدهدات الحالمات في المساء بعطر الأرض، بفجر السماء، بامتداد الوعي الإنساني، من دون حدود أو سدود أو ردود. في الإمارات التضاريس مشجرة بخيال الشعراء وفلسفة الحكماء وفطنة الأنقياء وحنكة الأصفياء، والسعادة غاية القيادة، والتسامح حبر الوطن، والولاء الشيمة والقيمة والانتماء، كعلاقة الوريد بالشريان، إذاً لماذا لا تكون السماء حدودنا، والفضاء طموحنا؟! إنها الحقيقة التي تفرد أجنحتها على واقع الأمر.