مهما تكن متناغماً مع نفسك، فسوف تكون علاقتك مع العالم الخارجي مثل علاقة النار بالخشب. تكون مثل السيل تجرف كل ما يعترض طريقك، تكون مثل الزلزلة تحيل الأرض إلى ركام، تكون مثل العاصفة لا تبقي ولا تذر.
وقد قال نابليون: «إن فقدت أنا عرشي، فسأدفن العالم تحت حمامي». وقال هتلر: «إن عليّ أن أظفر بالخلود، حتى لو فنيت الأمة الألمانية كلها». وكان هيمنجواي قد تزوج أربع مرات، وكانت له خليلات مع كل زواج. الإنسان غير المتناغم مع نفسه يرى العالم من حوله، مثل الطوفان، فلا يستقر له بال، ولا تهدأ له نفس. إنه كائن تستولي عليه الريبة، وينشب الشك مخالبه في عنقه، إنه مخلوق يجد نفسه غريباً في عالم تتلاطم فيه الأمواج العاتية، وكل مصيبة تحل به، ينسبها إلى الآخر، وكل عقبة تعترضه يضعها في ضمير الآخر، فعندما يفشل الموظف المتقاعس في نيل الترقية، فإنه يتهم مديره بالتآمر ضده، وعندما تتعطل سيارة الزوج، فإنه يقول إن هذا النحس يلاحقني منذ تزوجت هذه المرأة النكدة، وعندما تصاب المرأة بصداع، فإنها ترجع هذا المرض إلى عصبية الزوج،

وعندما نعجز عن تحقيق أهدافنا، فإن العالم الخارجي يكون قريباً من نيران اتهاماتنا، لأننا نجهل أنفسنا، ولا ندرك أننا وراء كل المصائب التي تصيبنا،

ولا ننظر إلى الأثاث الداخلي المبعثر، ولا ننتبه إلى الجدران في غرفنا، كيف أصابها التلف، لإهمالنا لها، وسكوتنا على الطرقات الوعرة في داخلنا، وعندما تعرقلنا، نقول إن هذا أو ذاك الصنف من السيارات رديء. نحن لا نعترف بالنواقص التي لدينا، وعلى الفور نوجه السهام إلى الغير، لأنه الأسهل، وفي نفس الوقت نتخلص من عقدة الذنب، فعندما نقول إن فلاناً يكرهنا، فإننا نزيح عن كاهلنا تهمة الكراهية للآخر، وأي قرار نتخذه ضده يكون مبرراً لدينا، وكأننا نقول، إنه فعل ضدنا ذلك، وما فعلناه ضده هو الجزاء الذي يستحقه. وهكذا تستمر عجلة الإدانة للآخر، ما دام في الداخل يكمن التشقق، وما دام في الغرفة الداخلية يخيم الظلام الدامس، ولن نرى العالم إلا بعين البغض والحقد والكراهية، لأن الذي يعيش التهتك الداخلي مثل الأعمى، لن يصل إلى النهر حتى ولو كان هذا النهر بجواره، وعلى بعد أمتار من منزله، صراعنا الداخلي يعمينا عن رؤية الحقائق كما هي، ولذلك ننتج نحن حقائق تلائم وضعنا النفسي، وتنسجم مع حالتنا اللاواقعية.