هل من طيبة تساوي قلوب أهل السودان.. وهل من كرم وصل لحدود أهلها الأكرمين.. وهل من خلق عظيم قد تراه في غير هذا الشعب الحليم.. في السودان كل شيء يدعوك لأن تبادلهم الاحترام.. الاعتزاز بالنفس.. الافتخار بالوطن.. الإخلاص للأرض، وإكرام الضيف.

ترى في وجوههم كل تعابير الراحة رغم مصاعب العيش.. وترى في حديثهم كل لطافة الحديث رغم قساوة الزمن.. هم منا، وهم من زرعوا في قلوب أبنائهم كيف يحبون الإمارات وأهلها، فيهم طبيعة مختلفة تشعر من خلالها أن الدنيا لا زالت بخير.

أول كلمة سمعتها ونحن على طاولة الاجتماعات للاتفاق على استضافة قمة الهلال والمريخ: نحن نرفض التفاوض.. فكيف نناقش وفداً جاء من الإمارات وكيف نرفض عرضاً وصل من «أبناء زايد».. حينها عرفت معنى التقدير ومعنى الوفاء الذي ورثه هذا الشعب على مر كل السنين، لم يسألوا عن ماذا، ولماذا، وكم؟ (ولكم أنتم حرية الفهم)، قالها أحدهم لنا باختصار: وصولكم إلى هنا لا يعني سوى أن نقول لكم نحن موافقون!

72 ساعة كانت حافلة بكل شيء.. لا نكاد نلبي دعوة إلا ونذهب لأخرى، ولا نكاد نستقبل في مقر الإقامة وفداً إلا وجاء وفد آخر، في بلادهم اكتشفت أن الكرم ليس مالاً ووليمة وهدايا.. بل من هناك تعلمت أن الكرم كان في الحب الذي نراه في أعينهم، وأن الكرم كان في الاهتمام الكبير الذي لاقيناه من قبلهم، وأن الكرم هو في الاستجابة والموافقة والحرص على راحتنا حتى قبل أن نتكلم.
وصدق حين ردد شاعرها، وهو يتغنى بحب بلاده السودان حين قال:
بلادي يا بلاداً حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن
فجر النيل في أباطحها يكفل العيش وهي تحتضن
رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن
وتغنى هزارها فرحاً كعشوق حدا به الشجن
حفل الشيب والشباب معاً وبتقديسه القمين عنوا
نحن بالروح للسودان فداً فلتدم أنت أيها الوطن
ونحن نقول معكم بنينا بلادنا.. ومعكم أكملنا مسيرتنا ومعكم حققنا أحلامنا، ومعكم ستمضي كل أيامنا، ويكفينا منكم تلك القلوب البيضاء المشعة حباً ووفاء.

كنت أسمع دائماً أن وزارة الخارجية في الإمارات تعمل بوتيرة وبطريقة مختلفة.. وتعد مدرسة دبلوماسية بحد ذاتها، وفي الخرطوم رأيت ما سمعته أنه حقيقة واقعة من خلال ما قدمه السفير حمد الجنيبي، فهذا الفن لا يجيده سوى من كان أهله.. كلمات الشكر على كل الخدمات والجهود التي قدمها لا تكفيه، ولكن هذا ما تعودناه من وزارة حولت جواز الإمارات إلى التاسع من حيث القوة.

كلمة أخيرة
قالوا: بلاد العُرب أوطاني.. ولكن السودان حقاً غير.