من الطبيعي أن نتساءل من هم أصدقاء إيران، وبنظرة سريعة على جغرافيا المنطقة ودولها وبالتدقيق في جيران إيران نكاد نكتشف أنها أصبحت معزولة ليس لها أصدقاء من جيرانها لا العرب ولا الآسيويين، فمع كل جارة للنظام الإيراني قصة وحكاية وقضية وخلاف! وبالأمس صعّدت طهران من حربها الكلامية على جارتها وحليفتها تركيا بمجرد أن قالت تركيا كلمة حق وذكرت الحقيقة في تحميل إيران مسؤولية التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وإيران لا تتورع في أن تهدد حليفتها التي تتكلم بالحقيقة التي لا يمكن حجبها والمصيبة التي فاحت رائحتها وتقول لتركيا «للصبر حدود»، لتفقد آخر أصدقائها في المنطقة. النظام الإيراني بحاجة إلى وقفة مع نفسه وإعادة ترتيب أولوياته وحساباته، ويجب أن يتنبه بأن أسلوبه القديم الذي نجح في القرن الماضي لن ينفع اليوم، وأنه أسلوب هدّام ومدمر لكل شيء من حوله، وسيدمر إيران في نهاية الأمر، الكل ينصح إيران، وإيران لا تستمع إلى صوت كبرائها ولا يعجبها غير نرجسيتها، فهي تدرك أنها تعاني العزلة اليوم، وتعرف أن هذه العزلة تزداد يوماً بعد يوم، لكنها ترفض أن تعترف بالحقيقة، وتصر على الهروب إلى الأمام وليس أمامها إلا هاوية سحيقة. إيران تضايق جيرانها وتتدخل في شؤونهم بشكل متعمد، وهي تدعم ودون تردد أي حركة معارضة، أو تمرد في دول الجوار مهما كانت صغيرة، أو تافهة، أو غريبة، فعقيدة النظام الإيراني لم تتغير منذ عقود، وهي إحداث التغيير وتصدير الثورة بأي طريقة، وأي مجموعة ومهما كلف الثمن، إلى أن وصلت بها الحال أن جاع شعبها، وهي البلد الغني بالثروات والخيرات لأن النظام يوزع المليارات على الجماعات الإرهابية وعلى حروب الانقلاب والانفصال! منذ أيام دعا ظريف إلى حوار إقليمي في الخليج العربي، ويدرك ظريف أنه كي يبدأ الحوار فإن من المهم أن يكون هذا الحوار جدياً وبعيداً عن الدعاية الإعلامية والسياسية وعن الخداع، وهذا لن يكون إلا بتوقف إيران عن التدخل الصارخ في شؤون جيرانها وبعد ذلك يبدأ الحوار. دول الخليج كانت ولا تزال تمد يد التعاون والسلام نحو طهران، ولكن طهران لا تزال ترفض كل يد تمد نحوها، وما نتمناه ألا يستمر هذا الوضع مع التطورات الأخيرة في المنطقة والمعطيات الجديدة في العالم، وعلى إيران أن تبحث لها عن أصدقاء من بين جيرانها، فهي لن تستطيع وإلى ما لا نهاية أن تواجه الجغرافيا والتاريخ، وأن تقف ضد العقل والمنطق، وتقفز فوق الأعراف والقوانين.