لا أدري تحديداً متى تنتهي حرية المرء.. أعتقد أن ذلك يحدث عندما تبدأ تجاوز مدارها لتسطو على جزء ولو يسير من حريات الآخرين.. أدرك أن السمات الشخصية وضبط إيقاعها جزء من منظومة التربية، وأننا كمسلمين لنا ضوابطنا وتقاليدنا التي لا يمكن تجاوزها، لكن أن تصبح «قصة شعر» اللاعب - أي لاعب- مبرراً لأزمة قد تكبر أو تظل صغيرة، فهذا ما لا أحبذه، وليت كل تجاوزات أبنائنا في قصات الشعر، لكان الأمر هيناً جداً. اتحاد الكرة، بدأ تفعيل مادته التي تحمل الرقم «16» من اللائحة الاسترشادية لدوري المحترفين، والتي تعاقب اللاعبين بسبب قصات الشعر أو تلوينه أو ارتداء أقراط في الأذن أو أساور في اليد، وغيرها من التقاليع التي تمر بنا في الشارع كل لحظة، والمدهش أن من لفت النظر إلى تلك «التقاليع»، هو الإنجليزي ستيف بنيت المدير الفني للجنة الحكام الذي اقتطع جزءاً ثميناً من وقته الثمين بالطبع، ليعرض «ستايل القصات» على البرلمان الأسبوعي للحكام، ولم أستغرب ذلك ولم أندهش له، فالرجل وهو إنجليزي من المفترض ألا تشغله هذه الأشياء، إلا أنه بات بيننا ويعلم ما يرضينا، وما يداعب به مشاعرنا، وفي النهاية «كله شغل». لست مع فتح هذا الباب من قريب أو بعيد، والأولى أن تهتم به الأندية وأن توقع هي ما تراه من غرامات أو عقوبات تخص السلوك في هذا الشأن، والقول بأن اللاعبين قدوة، وبأن الصغار يقلدونهم، مردود عليه بأن معظم اللاعبين الـ 79 الذين أرادت لجنة الانضباط معاقبتهم بسبب «القصات» هم من لاعبي الفئات السنية.. أي أنهم «جاهزون»، في زمن لم يعد اللاعب فيه وحده هو القدوة، فالسماوات مفتوحة، والقنوات الفضائية تبتلينا كل لحظة بما تستحي العين من رؤيته، والأولى أن نتجه للبحث عن وسيلة تقينا تلك الشرور، بدلاً من مطاردة القصات، وتوقيع العقوبات التي تتنوع بين الإيقاف والغرامة، وساعتها قد يفقد النادي جهود لاعب لثلاث مباريات.. فقط لأن قصة شعره لا ترضي الحكم.. كما لا أدري أي معيار ينشغل به الحكم، وهل نوزع عليهم «كتالوجات» بالمقبول والممنوع من «القصات»، وهل أدى الحكام كل ما عليهم لنضيف إليهم عبئاً جديداً. يا سادة.. في النهاية إنها كرة «لعب يعني»، وسنشقي أنفسنا كثيراً لو أردنا فرض المثالية على ملاعب الكرة حتى في «القصات» والقلادات، ودورينا يستقبل كل موسم عشرات اللاعبين من دول أوروبية ولاتينية وغيرها، ولكل منهم عاداته التي ليست عيباً لديه، و«قصة الشعر» أمر هين، فانشغلوا بما هو أهم.. اتركوا أمر «القصات»، ولا تزيدوا من الأزمات. كلمة أخيرة: في التربية.. الاتجاه إلى البيت أولى.. أحسنوا التربية في البيوت.. يستقيم كل شيء