ما يحدث اليوم، هو ارتفاع لحرارة الإرهاب في العالم، وهو ارتفاع يؤكد من جديد أن عشاق الموت هم أموات، يتحركون بطاقة الكراهية لا غير. وسوف نسمع عن أحداث دامية، متوالية، ولن يتوقف الأمر عند مسجد في «كيبك» يذهب ضحيته قتلى جرحى، وهذا بطبيعة الحال يؤكد أن الإرهاب شيطان أعمى، ليس له دين ولا عرق، بل صفته «الإرهاب» فقط. لذلك نقول إن الذين يتشدقون بأوصاف محددة، ويضعون أنفسهم أوصياء على العالم، يحددون له من هو الأسود ومن هو الأبيض، فهؤلاء فارقهم العقل بعد أن تشبعت أذهانهم بنزعات الشر، والتفرقة العنصرية والإفراز الشاذ. كل الأديان جاءت من أجل خلاص الإنسانية، وتحريرها من رواسب الحقد والكراهية، لكن البعض لم يزل يعيش الجاهلية الأولى، وهؤلاء يشتركون في هذه النزعة فقط، ويختلفون فيما يعتقدون من أديان مشوهة، وزائفة هؤلاء هم الغائبون عن الوعي، الذاهبون في الضمير نحو مستنقعات الموت والدمار. وعلى ذلك، فإن الشرفاء في هذا العالم ومن مختلف الأديان، عليهم أن يرفعوا رؤوسهم وأن يقولوا كلمتهم التي لا بد وأن تقطع الشك باليقين، وتقضي على النتوءات والدين اللذين لحقا بالأديان نتيجة للتشرذم في التأويل والتفسير، بناء على متطلبات المدعين والمهرطقين والمهرولين نحو مصطلحات دينية لا علاقة لها بالدين. والزج باسم هذا البلد أو ذاك، إنما هو تجديف من أجل تجريف البيئة الإنسانية وتحويلها إلى أرض يباب وخراب، لتحقيق مصالح من لا يستطيعون العيش إلا في الأماكن الملوثة، والنمو على ركامها.. نحتاج في هذا الزمن الحرج إلى عقول تتحدى الضبابية، وتواجه العواصف الرملية، بصفاء وانتماء إلى الإنسانية وتكبح جماح الشعوبية الفجة، وتحطم أنيابها ومخالبها، ولأن الإنسانية ما كانت لتنتج أمثال روسو، وديكارت، لترسو على شطآن الجهلة والحاقدين، الذين تورمت الأنا لديهم وأصبحت جبالاً من الفيروسات والأمراض العضال. وعلى رؤساء الدول، وبالذات تلك التي تبوأت مكانة في الريادة العالمية، أن يصونوا الأمانة، وأن يتمسكوا بمبادئ الحقوق الثابتة لكل البشر من دون تفريق أو تمزيق، حتى لا يستغل المغرضون بعض الصيحات النشاز، ويركبوا على الموجة لينفذوا مآرب أخرى في نفوسهم وتصبح عصيهم ثعابين، تلتهم حقوق البشرية في العيش بأمن واستقرار، وتوقف عجلة التطور، وتشعل العالم بمشاعر أشبه بالمساعر، تحرق الأخضر وتكوي الأصفر.