عالمياً، تراجعت عوائد شركات الاتصالات، جراء المكالمات الصوتية والمرئية المجانية، عبر تطبيقات الشبكة العنكبوتية، فصارت تبحث عن منافذ إعلانية وخدمات مبدعة، لتعويض خسائرها، وقد أدركت معظمها مبكراً أن التهديد قادم لا محالة، فلم تُحمل مشتركيها تكلفة خدمات قديمة، مثل الرسائل النصية القصيرة، التي دفعها تطبيق كـ «واتساب» إلى أرشيف الاتصالات.
في الإمارات، ونحن دولة متقدمة تقنياً، لن ينتهي النقاش في الإعلام والمجتمع عن واقع الاتصالات وخدماتها وأسعارها، حتى بعد بدء سماح «الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات» للشركتين المزودتين: «اتصالات» و«دو» بتقديم خدمة مكالمات الصوت وال?يديو من منصات العالم الرقمي، مع تحديد تطبيقين فقط، وتسعيرهما بين 50 و100 درهم، فهنا أكثر من وجهة نظر:
هناك من يرى أن شركتي الاتصال المحليتين تحققان أرباحاً عاليةً، فيما تخسر نظيراتهما في المنطقة، وهما مستفيدتان جداً من سيطرتهما على المكالمات الصوتية الدولية، والأرقام تؤكد ذلك، فمجموعة «اتصالات» جنت 8.2 مليار درهم أرباحاً العام الماضي، كما بلغت مكاسب «دو» نحو 1.7 مليار درهم، ومن المنطقي أن تحافظ الشركتان على مصالحهما، ولا تطالبان «هيئة تنظيم الاتصالات» بإتاحة هذه الخدمات، وإذا كان ولا بدّ فتسعيرها، وتحديد تطبيقاتها.
في المقابل، ثمة من يعتبر أن البوابات الاجتماعية على «الإنترنت» وفّرت كثيراً من الحلول المجانية، وهذا يعني أنّ شركتي الاتصال المحليتين مطالبتان بالتكيّف مع هذه القفزة التكنولوجية الجديدة، وخفض أسعار المكالمات المحلية والتجوال الدولي، وباقات المنازل، بما أنها تتقاضى إيرادات من الاشتراكات في التطبيقين الجديدين، أي عن خدمة مجانية عالمياً.
رأي ثالث في هذا السياق، يشير إلى أنّ «هيئة تنظيم الاتصالات» توصلت إلى حل ذكي، عبر السماح بتطبيقين فقط للصوت وال?يديو، لأنهما ينسجمان مع «بروتوكول الإنترنت» في الإمارات، وهذا الأمر حاسم وضروري، ويتصل بالإطار التنظيمي، وله ميزة تشجيع المُشغِّليْن في الدولة على البحث عن حلول مبدعة، تطرح خيارات متعددة في المستقبل، وعند اختبار التجربة يُعاد الحديث عن إلغاء التسعيرة أو خفضها.
ويبقى أنّ فتح مكالمات «الإنترنت» في الدولة إجراء ممتاز، ونثق في قدرة قطاع الاتصالات المحلي على استيعاب أننا دولة متطورة، ولدينا حكومة ذكية، ونستحق أن نكون في المقدمة.. وفي كلّ مضمار.