يحل اليوم عام هجري جديد، ذكراه تؤرخ لمرحلة تاريخية مباركة، حملت الكثير من الدلالات والعبر مع هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث متمماً لمكارم الأخلاق ورحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم، بهجرته من مسقط رأسه في مكة إلى يثرب، ليؤسس مجتمع المدينة المنورة، ويرسي دعائم القيم الجليلة والعظيمة في المواطنة والانتماء والتآخي والمساواة وحسن التعايش والتسامح بين سكان المدينة من غير المسلمين، ومنهم يهود المدينة.
قيم جليلة عظيمة كانت نواة الحضارة التي قامت ونشرت معها دين الحق بمبادئه السمحة، ورسالة الاعتدال والوسطية التي جاء بها، وازدهرت حضارته واتسعت رقعته من جزيرة العرب حتى الصين شرقاً والأندلس غرباً قبل أن تظهر علينا الجماعات الخارجة بتلك المفاهيم من الغلو والتطرف ممن رفعوا شعارات لا تمت بصلة للنموذج السامي والراقي لمجتمع المدينة، وعملت جماعات الإسلام السياسي المتاجرة بشعارات الدين لتفتيت الدولة الوطنية بزعم أن «وطن المسلم عقيدته».
هذه الجماعات المنحرفة والشاذة وفي مقدمتها «الإخوان» الإرهابية، تناسلت من عباءة مروجي ذلك الفكر المتطرف، وقدمت إرهابيين قتلة كمنفذين نفذوا أعنف هجمات دموية إرهابية تشهدها البشرية في نيويورك وواشنطن في مثل هذا اليوم من عام 2001.
منذ ذلك اليوم الدامي والمشؤوم، والذي ذهب ضحيته مئات الأبرياء، والعالم يوحد صفوفه وطاقاته من أجل اجتثاث آفة الإرهاب الذي لا وطن له والذي يهدد الحضارة الإنسانية، ويعمل صفاً واحداً في جبهة عالمية تضم قوى الحق والخير لاستئصال شآفة الإرهاب، ويعملون بكل قوة لتجفيف منابعه، ويتصدون بحزم لكل من يدعمه ويوفر الدعم المالي له، والملاذ الآمن للإرهابيين أينما كانوا.
وهنا يسجل التاريخ بصورة ناصعة، الموقف الشجاع والمبدئي للإمارات وقيادتها في وجه الإرهاب ومن والاه، دعماً وتمويلاً وملاذاً، وهو الموقف الذي أكده مجدداً أمس الأول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدى استقباله الجنرال رحيل شريف، القائد العسكري للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب. موقف مبدئي اقترن بالتصدي للإرهاب في مواقع مختلفة، ومنها اليمن، حيث نجحت الإمارات في تطهير العديد من مدنه من إرهاب «القاعدة» و«داعش»، وتستعد لتطهير موطن العرب الكامل من إرهاب الميليشيات الحوثية الانقلابية التي تنفذ أخبث مخطط إيراني توسعي.
وكل عام وبلادنا وسائر البلدان في خير وسلام.