ما يجري في أسواقنا من إزعاج باسم الترويج التجاري لهذه السلعة أو ذاك المنتج بلغ حدوداً غير معقولة، اعتقدت أنه يقتصر على مندوبي البنوك أو شركات الاتصالات أو المطورين العقاريين، قبل أن يحدثني صديق في موقع تنفيذي عن إزعاج مندوبي بعض النشرات التجارية «الطيارة» التي تتربح من المناسبات الخاصة أو الأعياد والأيام الوطنية، وكيف أنهم يستخدمون أسماء شخصيات رسمية كبيرة للضغط على أمثاله للظفر بإعلان. وفي أحايين كثيرة تجدهم- كما يقول الرجل- يتجاوزون المسؤول لمخاطبة من هو أعلى منه سلطة في هذه الجهة أو تلك لأجل نيل إعلان في مناسبة مختلقة من قبلهم.
عندما تقترب من أمثال هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مندوبي مبيعات، تكتشف أنهم يروجون لكل شيء، من الترويج العقاري مروراً بتسويق بطاقات الائتمان المصرفية، وحتى المشاريع العقارية مقابل العمولة المتفق عليها. وقد وجدت العديد من الجهات كالشركات والمؤسسات التجارية والمصارف، ووكالات الإعلان والتطوير العقاري ضالتها في هذه النوعية من العمالة التي لا تكلف شيئاً، فقط العمولة المتفق عليها.
الممارسة لا غبار عليها فهي من مظاهر اقتصاد السوق الحر، ودليل حيويته ونشاطه، ولكن ما نعترض عليه الإزعاج الجاري، خاصة أن الغالبية العظمى من المشتغلين في المجال، جعلوا من وظيفة «المندوب» والتسويق، مهنة من لا مهنة له. بل منهم من يرى في إقلاق الناس بالاتصال بهم في مختلف ساعات النهار والليل، والإلحاح عليهم ببضاعته، من مهارات المروج الناجح.
أما عن الذين يشوهون أفنية منازلنا، وأبوابها بمنشوراتهم الترويجية والدعائية فتلك معاناة أخرى، بسبب كم الورق المتراكم عند المداخل، فتجد صبي التوزيع لا يكتفي بوضع منشور واحد، بل رُزم من الورق، خاصة المروجة لخدمات «أي لا يف» وغيرها من خدمات الاتصالات، وعندما تتابع الأمر أيضاً تكتشف أنها نفس القصة، قصة «مندوبي العمولة» الذين يتنافسون على توزيع أكبر كمية من هذه المطويات، بما تحمل من إزعاج وتلويث للبيئة.
في بعض الدولة الأوروبية يضع السكان ملصقاً على أبواب دورهم، يوضح ما إذا كانوا موافقين على وضع مثل هذه الإعلانات الترويجية من عدمه، ويتعرض المعلن المخالف لعقوبات وغرامات باهظة.
ما يجري بحاجة لوقفة من الجهات المختصة، وفي مقدمتها البلديات والدوائر الاقتصادية لوقف الإزعاج المتواصل باسم الترويج التجاري وبالعمولة.