لا خيار أمام الحوثي سوى إظهار أقصى درجات الجدية والالتزام تجاه محادثات السلام التي تبدأ في جنيف غداً، إذ لا حلول أخرى، وما لا ينجح بالحوار السياسي، لن يصل إلى أي نقطة باستمرار النزعة الانقلابية والعمليات الميدانية، والخضوع لمشيئة إيران.
المشهد في اليمن الآن شديد الوضوح، والحل ليس إلا سياسياً، فالتحالف العربي يتقدم عسكرياً، ويواصل مهمته الإنسانية في تخفيف انعكاسات الصراع على الشعب اليمني، فالإمارات أنفقت نحو 14 مليار درهم على خدمات البنية التحتية والصحة والتعليم وتأهيل المؤسسات العامة في هذا البلد منذ العام 2015، وكذلك الأمر بالنسبة للسعودية، فإعادة البناء مستمرة، على الرغم من التخريب الممنهج لإرهاب «القاعدة» وميليشيات الحوثي.
اليمن في حاجة سريعة للسلام، والحرب لم تكن خياراً، بقدر ما كانت ضرورة لوقف الكارثة، منذ انقلاب الحوثيين المدعوم إيرانياً على الشرعية في بلاد تصارعت فيها إرادات ومؤامرات، وكان حتمياً أن يسارع تحالف دعم الشرعية في اليمن إلى نجدة شعب شقيق، وإنقاذه من الفوضى، وتضميد جراحٍ مزمنة.
تذهب الأطراف المعنية بحاضر اليمن ومستقبله إلى جنيف، وَمَنْ يراهن على مرجعيات متوهمة أو حماية إقليمية سيجني مزيداً من الخسائر سياسياً وميدانياً. فالمرجعيات الثلاث أساسية وتشكل أكثر من إطار للحل السلمي، وهي القرار الأممي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وجميعها مرتكزات أساسية لإنهاء الاضطراب في اليمن، كما يُؤْمِن التحالف العربي، الذي قدّم كل الدعم الممكن لمبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيت.
الأزمة يمنية، والحل يمني عربي، إِذْ لا بد من انتهاء الانقلاب على المؤسسات، وعودة الدولة اليمنية، وهذه ليست شروطاً يضعها التحالف العربي على طاولة المفاوضات، بقدر ما هي القاعدة الرئيسة لعودة الأمن، وهزيمة الإرهاب، وازدهار اليمن. أما محاولات فرض الواقع، والتذرع باعتبارات غير مسؤولة، فهي تتجاهل حقائق تاريخية وجغرافية، تتصل بعلاقة اليمن بجواره الخليجي، وبعروبته، فهو ليس خاصرة رخوة، يسهل النفاذ منها إلى الأطماع الإقليمية.
الأهم، أن اليمنيين اختبروا في السنوات الأخيرة معاناة قاسية، ولولا العمل الإنساني المتواصل للتحالف العربي، الذي يحمل رايات الأمن والبناء والأمل، لاستولى الانقلابيون والإرهابيون على كل فرصة للتنمية والسلام، وحوّلوها خراباً وصراعاً، ولما كان هناك متسعٌ لطاولة المفاوضات التي يجلس حولها الفرقاء في جنيف غداً.