استوقفتني ملاحظة لإحدى القارئات حول تفنن بعض الجهات في ابتكار رسوم غريبة لتنمية مواردها، وإنْ كان هذا الرسم غير متوافق مع التوجهات العامة أو المنطق الذي يحكم الأمور، وإنما يكشف حالة من الارتجال لا تستند إلى الضوابط التي تحدد فرض الرسوم مهما كانت كبيرة أو ضئيلة.
إحدى المؤسسات الخيرية تفرض رسماً قدره خمسون درهماً للراغب في استخراج شهادة تطوع ليقدمها لجهة عمله أو جهات أخرى تطلب مثل هذه الشهادات لإجراءاتها الداخلية. بينما يفترض العكس، حيث ينبغي لنا تكريم مثل هذا المتطوع الذي أنفق من وقته وجهده ليخدم في هذه المهمة الإنسانية أو تلك، ويؤدي واجباً سواء داخل الدولة أو خارجها، خاصة ونحن ندعو لنشر وتشجيع ثقافة التطوع.
ومن هذه الجهة الخيرية التي ابتدعت رسماً لشهادات التطوع، إلى شركة خاصة لخدمات الغاز بالمنازل، وزعت تحذيراتها للمتعاملين معها من سكان البنايات التي تتولى تزويدها بالغاز، أعلنت معها فرض رسم قدره 30 درهماً لقاء تحصيل فاتورة الاستهلاك من العميل في منزله، بينما يُعفى من هذا الرسم عند السداد عبر الموقع الإلكتروني للشركة التي قررت كذلك غرامة قدرها خمسون درهماً شهرياً على أي تأخير في سداد الفاتورة عن الموعد الذي حددته للمتعاملين معها، رغم أن استهلاك البعض من الأفراد والأسر الصغيرة لا يتعدى مبلغ الغرامة التي قررتها !!.
مثل هذه الشركات توحي للمتعاملين معها بأن راتب المحصل الميداني سيكون على حسابهم، رغم أن هناك وسائل غير هذا الأسلوب لإقناعهم بمزايا الدفع الإلكتروني والحث عليه، باعتباره يوفر الجهد والوقت، ويعزز المبادرات الصديقة للبيئة، طالما أنها شركة تروج لاستخدام الطاقة النظيفة والآمنة بعد أن حرصت على إرفاق «فرمانها» بتحذير شديد اللهجة لكل من يجرؤ على إدخال أسطوانة غاز للبناية، وتحميله المسؤولية كاملة عن هذا «التجاوز» الذي قالت إنه يعرض السلامة العامة للخطر.
نعود لموضوعنا الأساس، حول الجهات المرجعية التي تقر مثل هذه الرسوم أو تجيزها، ولعل ضبابية المشهد، دفعت كل جهة أو فرد لوضع الإطار الذي يناسبه، وبالرسم المحدد وفق مصالحه دون مراعاة أي اعتبارات للصالح العام أو مدى تأثيره على الآخرين. ولا يجد المتعامل حلاً سوى «الدفع بالتي هي أحسن» أو انتظار الفرج بتحرك فعال من «حماية المستهلك» الغائب الحاضر في سباق الرسوم.