في اليوم العالمي للمرأة، تبدو الصورة بحجم الشمس، ويبدو النموذج وارفاً مثل النخلة العملاقة، ونهر الحياة يمدنا بذاكرة لا ينضب معينها هي تنهل من جزيل ما قدمت «أم الإمارات» لأمهات الوطن، ما جعل التضحيات بفلذات الأكباد عرساً تحتفي به القلوب، وترتفع به الهامات، والقامات، ويصبح النشيد إماراتياً بامتياز، ولا مثيل له في التاريخ، فكم من خنساء في بلادنا قالت الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وطوت الصفحة على ألمها الجميل وهي تخضب فؤادها بملح الصبر النبيل، وتحمد الله على أنه لاقى ربه في ساحات الشرف مكللا بعشق الموت من أجل حرية الأوطان، متوج بالشهادة من أجل كرامة الآخرين.
هذه مدرسة أم الإمارات، من أروقتها تخرجت أمهات من نسل نسيبة بنت كعب الأنصاري، هذه باقة الورد الندي التي أهدتها أم الإمارات لكل سيدة في هذا الوطن، ليصبح الشذا أنفاساً تنثر عبقها أرواحاً عطرة، وسجايا ممطرة بالقيم الرفيعة، والثنايا المنيعة، ويصير الوطن مآلا للنبت الطيب، ومنزلاً لأشبال من أصلاب أسود، رعتهم المرأة، وأرضعتهم حليب المناعة ضد الخوف، والخيانة، لأمانة الوطن، هذه مدرسة أم الإمارات، أنجبت الكواسر، والأواصر، حتى تجلى الوطن بحلة لا يبور ذهبها، ولا تمور صناعتها، هذه مدرسة أم الإمارات، تذهب بالمعاني إلى ضمير الإنسان، فتجعله موئلا للصدق، والشجاعة، والأحلام الزاهية، والطموحات المزدهرة والإرادات الصلبة، لا تلين لعاصفة، ولا تنحني لناسفة، إنها القضية الكاشفة عن وهج الحياة في بلد رعتها عيون لا تغمض جفونها لضيم، ولا تهدأ نفسها لظلم، هي هكذا الإمارات حلم المغبونين، الذي حلق على شجرة الأمل، فرأى العون من أيادي العون، قوافل المهج السخية، ورأى الهبات من نفوس من خصالها أن تكون في صلب الموقف الرهيب، سارية لا تخفض رفرفاتها، ولا تهيض نبضاتها ما دام في الروح نبضة حياة.
مدرسة أم الإمارات، كتبها مؤلفة من فكرة الكون الواحد، وعناوينها مرصعة بوهج الإباء والفخر، من أننا في وحدة الوجود، جزء من هذا الكون، وواجبنا حمايته من كل غاصب ومعتد أثيم، واجبنا أن نذود عن إخوتنا في الإنسانية، ونمنع عنهم الأذى، ونرفع عن كاهلهم الألم.
واجبنا أن نكون في مقربة من الآخر، كي نسمعه، وكي يسمعنا، لنكون معاً، في الحياة شجرة واحدة، بأغصانها المتعانقة حباً، المتصافحة صدقاً، أن نكون معاً في الطريق إلى تعشيب الأرض بالحب، حتى لا تتسرب الوحوش إلى منازل الأوفياء.