الكذب باسم الدين والتدين يرشح من الفضائيات التي بلا عدد، والافتراء على النبي الكريم وصحابته وآل بيته لا يتوقف، والغريب أن كل الأطراف يغالون في المدح حتى يبلغ الكذب، وكأن حرباً بينهم مستعرة، والمزايدات لن تنتهي، وكأن لا عقول للمتلقين، ولا ثمة جلال يليق بالعمائم التي تمتهن الكذب والتخريص بداعي التحريض، حتى إن بعض المشاهد لا تمل من الضحك منها وعليها، مهما أعدتها وكررتها، مثل ذلك المحلل الشرعي لانهيار الليرة التركية الذي حلل أزمة اقتصادية مبنية على أرقام وحسابات، وتضخم، وديون خارجية لبنوك أجنبية، وحولها من مسألة اقتصادية بحتة لمسألة أخلاقية، مدافعاً ومنافحاً عن تدني سعر الليرة التركية في الأسواق العالمية، صارخاً أن نحميها وإلا العار سيلحق بأمة محمد، وإن سقطت، سقطت نساؤنا المسلمات معها مغتصبات في الشوارع، ووجه خطاباً إرشادياً مباشرة للجمهور، نفراً، نفراً: «يا تدعم الليرة التركية المنهارة، يا حتشوف مراتك تغتصب في الشارع»، ولا ندري وفق أي نظرية اقتصادية منشأ حديثه، وما دخل الاغتصاب في موضوع مالي تماماً؟ إلا إذا كانت «وايراته مشوطّة»، ولا عارف شرقه من غربه أو أن جمهوره من الأَنْعَام، لا يفقهون حديثاً.
وأعتقد أن الأتراك أنفسهم لن يعجبهم تحليله وكلامه الذي يشبه غبار وجه، ثم من هم هؤلاء الذين أشعلوا حرباً اقتصادية ضروساً من أجل اغتصاب نساء المسلمين الذي سيتم في الشوارع؟ هل هم موظفو البنك الدولي الشبقون، والذين سيرتهم لا تسر عدواً ولا صديقاً خاصة في الآونة الأخيرة؟ أو هم العاملون في أسواق الأسهم العالمية الآتون على خيول مسرجة، ضاربين حصارهم على أسوار القسطنطينية.
يعني إذا كان هذا «الأخ» الذي لا دخل له بالإعلام ولا بالسياسة ولا بالاقتصاد، وشكله حتى مبطلات الوضوء لا يعرفها كلها، يريد أن يشحذ همم المسلمين المتخاذلين، ويذكي حماستهم، فرأيي أنه أخطأ الطريقة، وضل الموضوع، والتبست عليه الأمور، فما عاد يعرف صحيحها من باطلها، لقد أشعرني هذا المحلل الاقتصادي الشرعي أنه مدمن «زموتا» أو أنه خسر مدخراته كلها بالليرة التركية، وبدأ في عملية شحاذة جماهيرية منظمة لإعادة له ما أريق من لبن في الصيف.
بصراحة.. ما أدري مثل هذا الشخص، وبقية المحللين الرّغايين في فضائيات «أم ثلاثين ألف دولار، وأشحذ» أو فضائيات «الدعاء المستجاب لأئمة السراب» تقول يتدخنون بحنظل على الصبح، وإلا يباتون يتنشقون سماسيم، عقول مضروبة على الآخر أو أن الصنف الذي يتعاطونه من النوع الفاخر بحيث لا يبقى «الدماغ» على شيء في الدماغ!