في يوم المرأة العالمي، تحضر أمهات الشهداء، وهن متوجات بأرواح الذين ذادوا عن الحقيقة، وساموا النفس رخيصة في سبيل حرية الناس، وأمنهم، وكرامتهم.
نرفع رؤوسنا عالياً ونحن نذكر أجل من خلق الله على الأرض، هن أمهات الشهداء الذين صدقوا بما عاهدوا، وأوفوا بما نذروا، وسددوا فاتورة الوطن بكل أمانة وصدق، وجعلوا راية الإمارات ناصعة، ساطعة، يانعة، يافعة مبدعة في تحقيق رؤى القائد المؤسس، وأمنياته بأن ينعم العالم بالتسامح، والتضامن من أجل خير الجميع، ومن أجل إزالة نفايات التاريخ من طريق الحياة، لتمضي الركاب في فيافي الدنيا رافعة الأعناق، مترعة بالسعادة، ورغد العيش، ومن أجل أن تبقى الدروب ممهدة بالحب الذي هو سر نهوض الشعوب، ورقي الحضارات.
أمهات الشهداء اللاتي أنجبن فحولاً أسمعوا الدنيا ببطولاتهم، وشجاعتهم وهم في ساحات الوغى، يكرون ولا يفرون، يقهرون ولا ينفرون، يكسروا شوكة العدا بصارم مهند، ويمرغون رؤوس المدعين، والمفترين، في سحيق وكمد، ويحصدون سنابل المجد بجدارة من تخرجوا من مدرسة زايد الكريم الرحيم، ويذهبون بسمعة بلادنا آفاق العلا مزملين بشراشف الشرف الرفيع، مطوقين بحب من جدوا في حمايتهم وجادوا بأرواحهم من أجل أن تبقى يمن بلقيس حرة أبية، لا يضنيها ضيم، ولا يثنيها عن نيل حريتها شيطان رجيم، ولا مشاء بنميم، إنهم عيال زايد، من نسل صحراء النبل، ومن ملح خليجنا الأغر، هؤلاء هم الذين نضع أسماء أمهاتهم في سجل الذاكرة، بحروف من نبضات القلوب العاشقة لجمال الفعل، وجلال العمل، هؤلاء نعتز بهم، ونفخر بأمهاتهم، وهن التوق، والطوق، ومحزم الطهر، وعظم الرقبة، هؤلاء هم بالولاء ننتمي لهم كما انتموا إلى الوطن فعلاً وقولاً، وساروا إلى درب الشهادة متوجين بشهامة الأولياء الصالحين، والصديقين، هؤلاء نبعوا من نهر أمهات جليلات، مسحن الدمع بأكمام ثياب لم تزل رائحة الأبناء الذين أخفت الأحضان في الصغر، عالقة في المكان، والزمان، تنثر عبيرها فرحا بهذا الظفر، وبهذا السفر إلى جنات الخلد، هؤلاء هم الصغار الذين كبروا ليصبحوا فلذات في كبد السماء، ونجوما تضيء دروب الآخرين.
وتفتح نافذة السحابات الممطرة، كي تهطل على رؤوس المحبين، وتمنحهم زهرات الفرح، والعطر عطر الأمهات اللاتي بخرن حياتنا، بعود من ذهبت أجسامهم، وبقيت أرواحهم، في أثير حياتنا، هؤلاء هم الباقون، وسوف يذهب المتجرئون على الحقيقة.