منذ سنوات قليلة، يمارس شباب الإمارات رياضة الجو جيتسو، وعلى كل منصة دولية أو قارية كان وقوفهم مشرفاً، فاللعبة حظيت بدعم واهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتأسس لها اتحاد، وأقبل الطلبة والشباب المواطنون على احترافها، ما شجّع كثيراً من المقيمين، حتى أصبح في الإمارات 120 ألف لاعب ولاعبة.
وفِي النسخة الإندونيسية من دورة الألعاب الآسيوية، عاد لاعبو الإمارات ولاعباته أول أمس بتسع ميداليات، منها ذهبيتان، وخمس فضيات وبرونزيتان، وهذه الحصيلة التي سبقتها غلّة وافرة من الكؤوس والميداليات ثمرة جهود بذلها اتحاد الجو جيتسو في أربع سنوات فقط، وليس مديحاً أن اللاعبين الإماراتيين وضعوا كعوباً عالية في هذه اللعبة، وباتوا منافسين يُحسب لهم حساب في البطولات الكبرى، فالنتائج تشهد على ذلك.
ما الذي حدث حتى تقدمت الإمارات في هذه اللعبة، ولا نزال في الوقت نفسه غير راضين عن موقعنا في تصنيف كثير من الرياضات التي تتطلب إنفاقاً كبيراً وعملاً مضنياً، خصوصاً كرة القدم، حيث نراوح في النقطة نفسها منذ أعوام، فلا الاحتراف أجدى، ولا الدعم المالي، وتراودنا كل أربع سنوات أحلام تكرار إنجاز 1990 حينما شاركنا في مونديال إيطاليا؟.
هذه طريق طويلة، ولكن لا بد من مواصلة السباق فيها، مهما بلغ التعب، لكن ثمة طرقاً أقصر إلى هدفنا الرئيس في صناعة السمعة، ولفت أنظار العالم إلى بلادنا، وهذا ما أظهره تفوقنا في الجو جيتسو في فترة قصيرة جداً، ليكون حافزاً رائعاً لاهتمام وطني بالألعاب الفردية واتحاداتها والبحث عن المواهب، ورعايتها وتوفير أفضل الملاعب والحلبات والمدربين، مع ضرورة الحرص على البدء من المدارس، وتشجيع طلبتها على إبراز ميولهم وطاقاتهم.
ولنلاحظ خط تصاعد حضور الجو جيتسو في الدولة، ففي العام 2009، تبنى مجلس أبوظبي للتعليم الجو جيتسو في 14 مدرسة في العاصمة والعين، وإزاء تحفيز القيادة والمؤسسات التربوية والرياضية هذه اللعبة، أصبح لدينا 128 مدرسة، يتلقى طلبتها تمرينات ذهنية وجسدية، وسجلت الأرقام الرسمية وجود 52 ألف طالب وطالبة يمارسون الجو جيتسو في الدولة، ويستفيدون من صقل مهاراتهم في المنافسات العربية والإقليمية والدولية، ولديهم الفرصة للمشاهدة الحية لكبار اللاعبين العالميين في بطولة «أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو».
نمتلك الإمكانات المادية والبشرية للتركيز على الألعاب الفردية، واستنساخ مشروع الجو جيتسو في أكثر من لعبة، فكل خطة طموحة تحتاج تنفيذاً مبدعاً ومواظباً، والأبطال الذين رفعوا علمنا في محافل الأمم الرياضية موجودون، ولا يبقى سوى العزم، وهو من طبائعنا.