هذا ليس اتحاداً للعلم والعلماء، فرئيسه داعية فتنة وتطرف، وأعضاؤه مغيّبون بين الصمت والتواطؤ، ولم يُسجّل له موقف واحد في خدمة الإسلام، لجهة إظهار وسطيته واعتداله وتسامحه. إنه ليس أكثر من هيئة تتستر بالدين، وتناقض كل قيمه ورسالته وروحه.
الوصف الدقيق لـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الذي يرأسه يوسف القرضاوي، أطلقته الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، العام الماضي، حينما اعتبرته الدول الأربع «كياناً إرهابياً»، وذلك يلخص هذا «الاتحاد» بالنظر إلى دوره ومواقفه منذ تأسيسه العام 2004. إنه خلية تنظيمية، تتلقى تمويلاً مباشراً من «تنظيم الحمدين» المتورط في دعم أكثر التنظيمات توحشاً ودموية.
يرأس القرضاوي هذه الخلية، ويُدير نشاطها من الدوحة، مستفيداً من خبرته الطويلة في تفصيل الفتاوى والأحكام الشرعية على مقاس «التنظيم القطري» إيّاه، وهي غالباً في خدمة الإرهاب وتسييس الدين، وتوفير الغطاء الشرعي للمتطرفين، لتنفيذ اعتداءات ضد الأبرياء، وتخريب الأمن في دول كثيرة، من اليمن إلى ليبيا ثم مصر.
لذلك، فلا غرابة في «الرأي الشرعي» الذي فصّله القرضاوي في شأن الحج، حين قال إنّ «لا حاجة لله تعالى فيه»، فهذا هو مقاس «تنظيم الحمدين الهزيل»، والمكتظ بالانحرافات السياسية والأخلاقية، وقد جاء بعد الفشل الإيراني-القطري في تدويل الحج، وتعطيل الدوحة هذه الفريضة لكثير من المواطنين القطريين، فتجاوب القرضاوي بفتوى تهدم ركناً من أركان الإسلام.
لا غرابة، فالقرضاوي نفسه أفتى بذبح الرئيس الليبي السابق معمر القذافي على نهج «داعش»، ووصف ملايين المصريين الذين خرجوا ضد حكم «الإخواني» محمد مرسي في 30 يونيو 2013 بأنهم «خوارج»، والأسوأ أنه حرّض على أبناء بلده من الجيش المصري، داعياً إلى قتل الجنود، ومحاربتهم، بوصف ذلك «جهاداً في سبيل الله»!
لم تخرج فتوى للقرضاوي في السنوات الماضية عن مشيئة الكيان القطري، وحديثه في شأن الحج، يكشف تماماً مستوى الانحدار الذي بلغه مشغّلوه في الدوحة. لم يتبق أمامهم إلا العبث بالإسلام وتسييس شعائره وأركانه، بعدما اندحروا في اليمن وليبيا ومصر ومناطق أخرى، وجاءت مفاعيل المقاطعة العربية على هذا النحو من القوة والحزم في هزيمة «تنظيم الحمدين» الذي فقد كل شيء، ليربح القرضاوي وغيره من دعاة الموت، وذلك هو المعنى الحرفي للخسارة.