* يبدو أول يوم عمل بعد الإجازة الطويلة، مثل صخرة «سيزيف»، محكوم عليك دحرجتها إلى أعلى الجبل، هو يوم ثقيل ولزج، ويزيد من سماكته ذاك الصداع من عدم نزول الراتب، ومخالفة مرورية تصبّحت بها لتعديك الهامش، طبعاً الشعب الياباني يختلف عنا، ولا تعني له هذه الأشياء، لأنه ربما وأثناء إجازة الواحد منهم، يكون قد صنع له ثلاجتين وراديو على الأقل، وفي اليوم قبل الأخير جلس يرتب أفكاره، وينظم وقته، ويدوّن أولوياته في أول يوم عمل رسمي، ولا ينسى أن يحمل في حقيبته اليدوية تلك الابتسامة التي تسبقه للعمل!
* على الصعيد العام والشخصي، توالى الحزن متقاطراً في كل يوم من أيام العيد، أول الفاجعة كانت وفاة «عبدالوهاب الأحمد» ذلك الرياضي والإداري الذي خدم الرياضة في الإمارات طوال حياته، كان لطيف المعشر، ضحوكاً، وشعلة من نشاط حتى هدّه ذاك المرض، ولا إعلام رياضياً تذكّره بنعي وتوثيق وواجب رد الجميل على صفحاته الملونة، بما يليق برجل كانت صحيفته مع الوطن ورياضته بيضاء على الدوام!
وثانية الفواجع وفاة الروائي السوري «حنّا مينه» الذي كتب وصيته بعدم تأبينه، ولا ذرف دمعة عليه، وجاء بخط يده أنه كان ينتظر الموت حتى استبطأه، وخشي أن لا يأتي، حتى فارقنا بهدوء ولوحده، كنهاية تليق برجل شجاع!
* أما ثالثة تلك الفواجع التي جاءت كموت الفجاءة، غياب الممثل العربي الجميل والرائع «ياسر المصري» في حادث لم يمهله لكلمة الوداع الأخيرة، ولم يمهل محبيه في كل مكان أن يصدقوا ما حدث، كان ذلك الفنان رفيقاً لنا طوال شهر رمضان بدوره المتميز، وأدائه الراقي لشخصية «يحيى البرمكي» في مسلسل «هارون الرشيد»، الرحمة لهم جميعاً، والسكون والطمأنينة لأرواحهم، فقد عرفوا جميعهم معنى العمل، وقيمة الخير، وحب الوطن والإنسان.
* الذين يشككون في قدرات المملكة العربية السعودية في إدارة موسم الحج بكل هذه المجاميع، ووسط كل هذه التوسعات إنما يغالطون حقيقة نظرهم، وواقع مشاهدتهم، والهدف واضح، وهو بغية «تسييس» الحج، و«تثوير» الشعائر المرتبطة به، وحين لا يرى هؤلاء المحرضون على الفتنة شائبة في موسم الحج، اختلقوا حادثة صغيرة، وقد تحدث بالصدفة، ولا تتعدى أن تكون حادثة عادية، خاصة وسط الألوف المؤلفة من الحجيج، ونفخوا فيها إعلامياً، ليستثمروها في التأثير على الناس البسطاء، وعلى الجهلاء. الغريب أن هذه الدول التي تتنطع على مقدرة المملكة الهائلة في تسيير وتنظيم أكبر الشعائر الدينية في العالم، وتخاصم بعناد نفسها أولاً، والسعودية ثانياً لا تستطيع أن تحتفل بعيدها الوطني دون حوادث كارثية أو تظاهرات تخمدها بالحديد والنار، هذه الدول التي تطالب بـ«تدويل» الحج، لا تقدر على تنظيم بطولة كروية إقليمية، فما بالك بتنظيم كأس العالم!