- «بعض البرازيليين يشبهون عيال الحارة، حينما يتبادون عليك لأول وهلة، وتكاد لا تصدق، وجوههم الغبر تذكرك بكثيرين كانوا يلعبون معك في السكة، خاصة إذا ما ظهرّ الصيم المجرّح، والمقشر من اللعب حافي القدم في ملاعب رملية، بعضهم يظهر منكباه كعظمين ناتئين من تحت الفانيلة الرياضية المصفَرّة لأحد الأندية المتعثرة نتائجها في الدوري البرازيلي، وينبئ عن سوء تغذية، فيشعرك بتعاطف عابر معه، وكأنه صديق ترك الزمان والمكان القديم خلفه، وحضر الآن في «ريو دي جانيرو»، ليقول لك: «bom dia» في هذا الصباح البرازيلي»!
- «بصراحة.. البرازيليات مش مثل اللي في الصور، ولا مثل اللي في شاطئ «كوبا كابانا»، ولا حتى مثل اللي في «كرنفال ريو»، كانت الصور تأتي إلينا صافية وملونة، ورذاذ من عرق وحر الشمس على الجبين، وملابس بحرية تخالطها ألوان عصافير الغابات الاستوائية، وكنت أعتقد أن رقبتي ستظل معلقة في الفارغ وأنا أناظر لإحداهن بطولها الفارع، ظهر وبان كل ذلك، وكأنه فيلم دعائي لتنشيط السياحة الأجنبية، والله ما شفنا واحدة إلا من الكتف وتحت، ولو قصيت الكعب لنزلت حفرتين تحت الأرض»!
- «المولات في العالم أصبحت تتشابه، نفس الطراز المعماري، والواجهات الزجاجية الصارمة، وأسماء المحلات والعلامات التجارية، ونفس المعروضات، تدخلها من بوابتها الإلكترونية، فتجد «ستار باكس» على مدخل اليمين، ومقهى آخر شبه منافس، قهوته أطيب، لكن ليس لديه خدمة «الواي فاي» المجانية، محلات ملابس مشهورة وتستهوي الجيل الجديد محدود الدخل بستة أبواب متراصة، ومن طابقين، وبعدها بلغة الكمبيوتر «كت أند بيست»، مرات فقط تريد أن تعرف أنت الآن في أي مدينة بالضبط»!
- «البرازيليون حياتهم موسيقى، يتنفسونها، ويرضعونها مع حليب الأمهات، وخاصة من الأعراق الأفريقية والسكان الأصليين، والخليط العجيب للتركيبة السكانية، حتى أن يوم الأحد تقام فيه حفلات الرقص والغناء في الشوارع الرئيسة العامة، عدا كل الحانات والمحلات تصدح بالموسيقى، حتى مسؤولة تنظيف غرف الفنادق تجدها تتمايل وهي تؤدي عملها بإتقان، البرازيلي دقّ له طبل وأتفرج، وقد عجبت من روح مترجم كان معنا، وينقل بأمانة مصطلحات الأدب والفن والثقافة للجمهور البرازيلي، لكن حين وصلت الأمور للموسيقى، ووجد عازف العود وحده على المنصة، ترك غرفة الترجمة، ومسك الإيقاع كأي موسيقي محترف، إنها روح البرازيل وفسيفساء الألوان الجميلة التي فيها، وأجمل هذه الألوان عندهم، لون التسامح»!
- «الانتقال من جو درجة حرارته فوق 44 درجة مئوية إلى 14 درجة مئوية ودون، أمر ليس بالهين، ويكاد يرعد الجسد، ويسبب له مع اختلاف في التوقيت لسبع ساعات ويزيد رجوعاً بالزمن نوعاً من عدم التوازن، واختلالاً في الساعة البيولوجية، وحدها البرازيل وأجواؤها وطقوسها قادرة أن تعيد التوازن، وتدفعك إلى الأمام الجميل»!
- «في البرازيل مطاعم الأكل فيها بالوزن، وهي عكس ما يوجد عندنا نحن العرب؛ ادفع ثمن وجبة، والثانية مجاناً، بوفيه مفتوح، وجبات عائلية، أكل حتى الشبع، هنا ما في بالرطل والأوقية والكيلو، يعني بصراحة المتين يموت من الجوع»!