وعي المستهلك الرهان ومفتاح حمايته من أي استغلال له مهما كانت الذرائع والمبررات، وبالوعي الجمعي يمكن التصدي لأولئك الذين يبالغون في الأسعار ويؤججون نيران الغلاء الذي يعصف بالأسواق، ويفتك بجيوب محدودي الدخل. وكذلك بالتواصل مع الجهات المعنية لإبلاغها بأي تجاوزات للحد من ممارسات الذين يحاولون استغلال ظروف الناس واحتياجاتهم لهذه السلعة أو تلك.
قبل أيام كنت أستمع عبر برنامج «استديو1» من إذاعة أبوظبي لاتصال أحد الأخوة المستمعين يشكو من بعض محال بيع إطارات السيارات في «صناعية العين» ممن يشترطون بيع 4 إطارات عوضاً عن واحد كان يحتاج إليها الرجل.
وقد تفاعلت إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد مع الشكوى، وتحدث مديرها الدكتور هاشم النعيمي عبر البرنامج ذاته ليؤكد عدم قانونية تصرف تلك المجموعة من أصحاب المحال، مؤكداً في الوقت ذاته على وعي المستهلكين في التصدي لمثل هذه الممارسات والتصرفات باعتبارهم عيون الإدارة للوصول إلى أمثال هؤلاء المستغلين.
وعي المستهلك بحقوقه تزايد وارتفع، وأصبح يتمظهر في حرص لم يكن ملحوظاً في السابق، تجسد بمراجعة الكثيرين من المتعاملين والمتسوقين لما يقدم لهم من فواتير، وبالأخص في المطاعم والمحال الكبرى التي تبالغ في أسعارها، بعض تلك الأمكنة لا يتوانى عن إضافة أشياء قد تبدو بسيطة، ولكنها تؤثر في إجمالي الفاتورة. لذلك، فإن مراجعة الفاتورة مسلك حضاري يعبر عن نضج ووعي.
ومما يؤسف له أن الإضافات في الفواتير تحت مسميات وبنود واهية لم تعد من سلوكيات بعض المطاعم ومحال التجزئة الكبيرة، وإنما امتدت لبنوك كبيرة «تقضم» من حسابات المتعاملين تحت مسميات غريبة وعجيبة، وما يميزها عن الفئة الأولى أنها تستقوي بقوة قدرتها على الخصم. وإذا كانت إدارة حماية المستهلك قد تفاعلت مع شكاوى من قبيل ممارسات بعض باعة الإطارات في «صناعية العين»، فإن الذين يعانون من «جبروت» تلك البنوك بانتظار تفاعل المصرف المركزي بإيجاد آلية تستقبل شكاويهم، وتتعامل معها بجدية وتمكن كل ذي حق من حقه، وتضمن ممارسة شفافة بعيداً عن هذا الأسلوب الذي تلجأ إليه الكثير من هذه البنوك، وحتى بعض شركات الاتصالات التي يفاجأ المتعامل معها بخدمات تضاف على حسابه من دون أن يكون قد طلبها، وشعار تلك الشركات، «ادفع أولاً»، واعترض لاحقاً ويجد نفسه في متاهة مطالبات يذعن لها مجبراً.