بالأمس، احتفى أبناء الإمارات بذكرى جليلة ومناسبة وطنية غالية محفورة في القلوب وممهورة بالحب بين الصدور، «غلا المناسبة من غلا صاحبها»، فالسادس من أغسطس، كان مفتاح مجد الإمارات بتولي القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966، وبدء رحلة أحلام وطموحات توجت بإنجازات ومكتسبات، وهي تحقيق حلم زايد، بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وانطلاق مسيرة خير متجددة وممتدة، وملحمة بناء الإنسان، وهي تُروى بكل فخر للأجيال والتاريخ.
قصة تروي إنجاز قائد جاء من الصحراء، من مدرسة الحياة، فصنع من الحلم إعجازاً وإنجازاً وواقعاً جميلاً نفاخر به بين الأمم، صنع المعجزة في زمن الصعاب والواقع المرير. ولم يكن ما أنجز وحقق ضربة حظ أو فيضاً من السماء، وإنما ثمار جهد واجتهاد وعزم وتصميم لا يلين، لم يعترف «طيب الله ثراه» بالمستحيل، وغرس حكمة وإلهاماً ورؤية ثاقبة، وقدرة رفيعة على استشراف المستقبل.
كانت القصة بعضاً من شمائل «زايد» الزايد بكرمه وتسامحه وحبه الكبير للجميع، الصغير قبل الكبير والقريب والبعيد، وقيم نثرها على رمال الوطن، فأزهرت حباً وتسامحاً وتعايشاً.
جاءت ذكرى السادس من أغسطس رغم غياب صاحب الذكرى والإنجاز، مفعمة بالوفاء والحب في رحاب عام زايد، لأنه سيظل الحاضر الأكبر في القلوب متربعاً الأفئدة والعقول بإنجازاته التي لا تعد ولا تحصى، وفي المقدمة منها بناء إنسان الإمارات وشخصيته السمحة المنفتحة على ثقافات وحضارات الشعوب، وقوة الانتماء والولاء للدولة الاتحادية التي أصبحت اليوم في صدارة تقارير ومؤشرات المؤسسات الدولية المعنية بمجالات التنمية المستدامة ورخاء وازدهار الشعوب.
يتذكر المرء ويفخر بأنه من ذلك الجيل الذي شهد التحولات الكبيرة تتبرعم أمام ناظريه، فأينما وليت وجهك تطالعك بصمات زايد، نستذكر كيف كان كورنيش أبوظبي عندما تُزمجر أمواج البحر فتجتاحه، وقد غدا اليوم بهجة للناظرين، ونتذكر كيف كانت تغرس سياراتنا في رمال الوثبة الغربية، وبني ياس، عندما نزور بعض الأهل هناك أو تتطاير الحصى على المركبة، وهي تشق طريقها في النهضة العسكرية، وننتظر شاحنات المياه تمر على البيوت، بينما الكهرباء تضعف وتتذبذب قوتها من شدة الأحمال والقيظ. واليوم، ولله الحمد، الصورة غير تلك الأيام الخوالي، ومدن الخير والرخاء تطرز جيد الوطن من الفجيرة للسلع. رحم الله زايد، وبارك لنا في قادتنا، و«عيال زايد».