من الروايات المتداولة عن الحرب الباردة، أن روسيا كشفت في حقبة الاتحاد السوفييتي المنهار، جاسوساً كانت تحوم حوله شبهات التعامل مع المعسكر المعادي، رغم عدم العثور على أية وثيقة أو دليل حول المهمة التي كان ينفذها، والتي اعترف لاحقاً بأنها لم تكن تتطلب منه إرسال معلومات أو تصوير منشآت حيوية أو كشف خطط سرية، وإنما في الإدارة الكبيرة التي كان يشرف عليها واللجان التي يشارك فيها بمنع اختيار أي شخص ذي كفاءة لمنصب رفيع. وبذلك يكون أدى المهمة الخطيرة المسنودة إليه. وساعد أعداء بلاده على تردي أوضاعها وأحوالها بخلق أزمة إدارة مهما كان غنى مواردها.
أزمة الإدارة.. أزمة مناطق واسعة في عالمنا العربي، وهو ما أشار إليه بكل وضوح، فارس المبادرات وصانع الأمل والطموح وعاشق المركز الأول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سلسلة تغريداته «علمتني الحياة» عندما قال سموه «لدينا فائض من السياسيين في العالم العربي، ولدينا نقص في الإداريين، أزمتنا أزمة إدارة وليست موارد، انظر للصين واليابان لا يملكان موارد طبيعية أين وصلا! وانظر لدول تملك النفط والغاز والماء والبشر، ولا تملك مصيرها التنموي، ولا تملك حتى توفير خدمات أساسية كالطرق والكهرباء لشعوبها».
الإدارة الناجحة تتطلب الرؤية والإرادة والاعتماد على الكفاءات المؤهلة، لا على حملة الشعارات الجوفاء والساعين لمصالحهم الخاصة، وإنما رجال من أهل البذل والعطاء ونكران الذات.
قدمت الإمارات تجربة ملهمة ومبدعة في البناء، باتت قصة نجاح مشهودة لمن يريد الاستفادة منها، وغدت معها منارة ضوء وإشعاع حضاري في منطقة لا يتناقل العالم عنها سوى وقائع مؤلمة عن صراعات دامية وكوارث.
وفي سلسلة «علمتني الحياة»، يقدم الشيخ محمد بن راشد خلاصة رؤية قيادتنا الرشيدة للإدارة والعمل بدأب لأجل الإنجاز بعيداً عن الشعارات الرنانة التي لا تقدم ولا تؤخر، ولا تضمن توفير الحياة الكريمة والتنمية المستدامة للشعوب، وهو ما أكدته مئوية الإمارات 2071، والمستلهمة من المحاضرة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأجيال المستقبل في مارس 2017.
تجربة الإمارات دروس مجتمعة في تجاوز التحديات، وشحذ الطاقات، ورص الصفوف، وتوظيف الموارد والكفاءات، لبناء المستقبل لمن أراد سبيلاً لغد أفضل.