يذهب الشاب الإماراتي مبتعثاً للدراسة في أفضل الجامعات العالمية، وتحشد الدولة إمكاناتها وسمعتها من أجل التأهيل الأكاديمي والمعرفي لطلبتها، ليعودوا إلى البلاد بدرجات علميّة تمكّنهم من العمل في تخصصاتهم، وفِي سوق الوظائف الذي يستشرف التخطيط الإماراتي مستقبله، ويعد له القوى البشرية اللازمة.
هل تنتهي مهمة المبتعثين عند الدراسة والعودة بالشهادات، أم أنّ رؤية الابتعاث الخارجي وأهدافه تتجاوز ذلك إلى توفير تجربة ثقافية وحياتية مختلفة للشباب الإماراتي في دول العالم المتقدمة علمياً، وما الغاية التي تسعى إليها الدولة في هذا الصدد، لا سيما أنّ لدينا جامعات متميزة؟
هناك مقاربة دقيقة أصابها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية في كلمة سموه خلال ملتقى الطلبة المبتعثين 2018 في أبوظبي أول أمس، عندما خاطب الطلبة: «أنتم لا تنتمون إلى العالم الثالث، بل تعيشون في بلد اسمه الإمارات العربية المتحدة، ورثناه من أهلنا وقادتنا بالكثير من الفخر والإنجازات».
ذلك ما يجب أن يأخذ به طلبتنا المبتعثون، ويمنحهم الثقة بأنهم قادمون من دولة متحضرة «ستصل إلى المريخ بعد ثلاث سنوات»، وذلك يتطلب أن يكون لدى الشباب المواطن «غريزة التعلم» كما قال سموه، ويليق بهم من موقع الاعتداد بالذات والإحساس بالندية مع الآخرين أن ينقلوا لزملائهم من مختلف الجنسيات قصة الإمارات بمعجزتها في الإقليم، وبلوغها مستويات متقدمة من العالمية.
ولذلك، فإن التميّز في الحياة الجامعية على أهميته، يجب أن يشكل أرضية للمبتعثين في الانفتاح على ثقافات الآخرين وعاداتهم، وتعريفهم بالقواسم الإنسانية المشتركة مع مجتمع الإمارات وقيمه، بما يحقق نضوجاً في الشخصية، ويكسبها فهماً عميقاً للثقافات والبشر.
«غريزة التعلم» بوصفها دافعاً لاكتساب المعرفة بمفهومها الشامل في الجامعة وخارج أسوارها تقتضي تواصلاً مع الاختلاف الثقافي والاجتماعي، والإفادة منه، فعائلة «عيال زايد» تأسست على الأصالة والحداثة، وعلى قيم احترام الآخر، والانفتاح عليه من موقع الثقة والاعتزاز بالذات الوطنية.