بعض «إعلاميي» وسائل التواصل الاجتماعي يعيشون حالة جنون العظمة، ويمارسون إعلاماً طفولياً، وأحياناً ينتقلون إلى مراهقة إعلامية، تأخذهم إلى مسارات غوغائبة، فظة، لا تخدم غير أغراض أنانية فجة.
هؤلاء المفلسون، أشبه بالأشخاص الذين يطمحون بأن يصبحوا رجال أعمال مرموقين، ويدخلون هذا المجال بخبرات صفرية، ورأس مال لا يتعدى الدريهمات، فيصبحون عالة على اقتصاد المجتمع، وعبئاً على أنفسهم، وبعد حين من الدهر، ينكسرون، وينهارون، ويهوون في حضيض الفقدان المريع.
السعي إلى النجومية مرض عضال، يقع في حاضنته أشخاص ضلوا طريق التفوق، ووقعوا في حمى التراشق، بحصيات الشتائم، والسباب، والكلام البذيء، والألفاظ النابية.
أشخاص دخلوا محيط التواصل الاجتماعي، وغرقوا في حمى الاقتحامات الغوغائية، وصار كل واحد من هؤلاء، يخوض في الذي يعنيه، والذي لا يعنيه، ومبرراً لنفسه الحديث في كل رقعة، وبقعة، ولا يتورع أبداً في الانتقال من الدين إلى الرياضة، ومن الرياضة إلى قراءة الفنجان، ومن قراءة الفنجان إلى التحليل السياسي، ومن التحليل السياسي إلى التمدد في ميادين الأدب والثقافة.
هؤلاء العشاق، داهموا الواقع الاجتماعي بخصائص فريدة، ولا تتوافر إلا لدى عباقرة أفذاذ، يفهمون في بواطن الأمور، ويعلمون ما لم يعلنه أينشتاين، ونيوتن.
هؤلاء أشخاص ينطلقون من مبدأ، خالف تعرف، وخير وسيلة للبروز الاعتراض على كل شيء.
هؤلاء بإمكانهم الوقوف أمام الملأ، والتحدث بالفم الملآن، لماذا لا يبدو القمر أزرق، والشمس خضراء، والبحر رمادي اللون.
هؤلاء لديهم القدرة على التحدث بطلاقة، عن شكل الجينات الوراثية، كما تحدثهم عن أحلام اليقظة أو حتى حديثهم حول علاقة السمكة بالصنارة.
اليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي شبكة من العلاقات ذات المخالب والأنياب، ترسل عبر الهواء مباشرة كي تفسر معنى ما وصلت إليه العقلية لدى بعض الناس من قدرة على صناعة الخدعة، وتشكيل نسيج خاص من الادعاء، والزيف وخوض بحار من الكذب، فقط لإثبات أن «محدثكم» عبر هذه الوسيلة، أو تلك، لديه الخبرة الكافية فيما يتطرق إليه، وفي كل المجالات، والميادين، لأن الطرق جميعها مفتوحة أمام هؤلاء الأشخاص، ولا حدود لقدراتهم، ولا شواطئ لإمكانياتهم.
وهذه هي عبقرية وسائل التواصل الاجتماعي أنها فتحت كل النوافذ، ليمر من خلالها، الهواء النقي، ممزوجاً بغبار الأفكار الوعرة.