الضغينة في القلب مثل الجمرات تحت الرماد، مثل أفاعي الصحراء التي تدفن نفسها تحت الرمل في انتظار الفرائس.
الضغينة تجعلك فريسة لأوهام تأخذك إلى عالم الكراهية، كما يأخذ الجلاد المتهم إلى عصا العقاب. الضغينة تحاصرك بأفكار خيالية سوداء كما هي الأدخنة في فوهة المواقد.
الضغينة كائن أعمى يقتادك إلى حفر الضياع، هناك يسلبك وينهبك، ويسرقك، ويسحقك، ويمحقك، ويتيه بك في منافي الضياع والانصياع، لأوامر نفس كشرت أنيابها، واحتدمت، واحتقنت، وامتهنت، وتضورت، وتوحشت، وأصبحت في الوجود مملكة للشر.
الضغينة لا تجعلك ترى الواقع كما هو، بل تخدعك وتخونك، ولا تصونك، هي تمارس ضدك العبودية والاستبداد والغي والطغيان، وأنت في أسر الضغينة تصبح مثل ذبابة خائرة في جوف زجاجة محكمة الإغلاق.
أنت في الضغينة لا ترى في العالم غير العصف، والنسف، والخسف، والكسف، والرجف، والنزف الدائم لكل مقدراتك الذهنية والجسدية. أنت في الضغينة، أضعف من جناح بعوضة، أنت في الضغينة، بلا إرادة ولا عزيمة، أنت في الضغينة كائن أحفوري قديم قدم السفن الغارقة في المحيطات، ليس لك أثر سوى الأشباه والأنصاف.
أنت في الضغينة تقع في منطقة الصفر، أنت تمشي في الأرض كسلحفاة ضلّت طريقها إلى الماء، أنت في الضغينة، كأرنب مذعور، تهز فرائصه زلزلة الخوف من عدو متوهم.
أنت في الضغينة نتوء على ظهر كائن مريض، أنت في الضغينة طفح جلدي يغرق جسداً بآلام الليل والنهار. أنت في الضغينة، ليس إلا زعنفة تائهة في مخاض بحر مسجور، ووعي مدحور، وقلب مثبور، وحلم مقبور، وخيال مكسور.
أنت في الضغينة تعيش خارج الوعي، وفي باطن اللاوعي، أنت في الضغينة كمن جاء من زمن ما قبل الحضارة، أنت في الضغينة طائر يتخبط على الأرض بعد فقدانه الجناحين، أنت في الضغينة فكرة وهمية، حطّت في رأس عصابي فانهمر يغرف من وحل خيالاته المجنونة.
أنت في الضغينة محطة قطار مهجورة غادرها الركاب بعد إشاعة عن وجود خطر داهم يهدد الحياة.
أنت في الضغينة مثل مسرحية هزلية فاشلة، ظن أبطالها أنهم يمثلون الواقع، وما هي من الواقع بشيء. أنت في الضغينة حكاية خرافية تلقى على عقول السذج، فيعملون على تصديقها، هرباً من الواقع.
أنت في الضغينة، مثل مكنسة، لا تلملم غير القذارة، ولا تحتفي إلا بالنفايات.