تعبرُ الإمارات بعد أيام جسرها للاستعداد نحو عامها الخمسين وهي أكثر شباباً من ذي قبل. تغمرنا الفرحة، نحن الذين شهدنا تحولات الوطن في كل مراحله، حين نرى الدولة تُدارُ في جميع قطاعاتها بسواعد الشباب الذين يتولون مراكز القيادة في المرافق الحيوية كافة. هذا ما يجعل من الإمارات البلاد التي تذهب إلى المستقبل بثقة من يملك العزيمة على الإنجاز والتفوق والمنافسة. برامج كثيرة ومبادرات وخطوات عملاقة في الذكاء الاصطناعي والاستدامة واستشراف المستقبل كلها تصب في بروز الإمارات نقطة ضوء وإشعاع ثقافي وتنويري على مستوى العالم.
هذا الرسوخ في التعامل مع المستقبل، أصبح يستند إلى قواعد جوهرية وأسس متينة بدأت بتبني الدولة لسياسات التسامح منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وامتد ليشمل الخطاب الاجتماعي والثقافي في الإمارات. ولو نراقب تطور الحركة الشعرية في الدولة منذ بداية السبعينيات حتى اليوم، سنلمس في جوهر هذه الحركة، تأسيساً للاتجاهات الشعرية الحديثة كلها، بداية من نصوص الراحل د. أحمد المدني بالتحول نحو شعر التفعيلة في نهاية الستينيات، ثم تطور شكل القصيدة ومضمونها مع جيل السبعينيات والثمانينيات ودخول قصيدة النثر، وصولاً إلى جيل الشباب الجدد في الألفية الثانية الذين يكتبون نصوصهم المتشظية في «تويتر» و«فيسبوك» أسوة ببقية الشباب في العالم كله. هناك نزوع واضح من شعراء الإمارات إلى مواكبة المستقبل، وإلى التحديث المستمر في إبداع النص الشعري باستمرار.
أيضاً أتاح مناخ الانفتاح الثقافي للفنون أن تزدهر بسرعة تفوق الكثير من الدول. انتقلت حركة الفنون التشكيلية من الرسم التقليدي إلى التجريب والخوض في المدارس والاتجاهات كافة، ومن بينها المدرسة المفاهيمية، ولدينا تجارب تجاوزت مفاهيم الحداثة وما بعدها، حيث اقتحم الفنان التشكيلي الإماراتي أعتى معارض ومتاحف الفنون في العالم وبعضهم عاد منها بجوائز وتقديرات. وحالة الفنون البصرية واكبتها أيضاً انتقالة ملحوظة في مبادرات السينما والرواية والقصة والمسرح والموسيقى.
خمسون سنة من العمل الثقافي النوعي للمؤسسات الكثيرة الحكومية والأهلية التي زرعت بذور البدايات وصار شبابنا اليوم يجنون ثمرها. لها كل الشكر على هذا العطاء، وهذه المؤسسات لديها القدرة على تحديث برامجها الثقافية المستقبلية، بما أن الدولة تستعد لإحداث نقلة نوعية كبيرة في برامجها الثقافية بعد الاحتفال باليوبيل الذهبي.
كل عام والإمارات أكثر حيوية وشباباً وتألقاً في طريق الأمل.