قبل أيام نال مقطع مصور تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إعجاب آلاف الأشخاص الذين شاهدوه، وهو لمواطن تطوع بمفرده لتنظيف مناطق صحراوية وساحلية شاسعة من المخلفات التي تركها مستخدمو تلك المناطق بكل استهتار واستخفاف بقواعد النظافة والحرص على البيئة والسلامة في المناطق العامة.
يجيء هذا المقطع الذي تم تداوله على نطاق واسع لتذكيرنا جميعاً بمسؤولياتنا، فالكثيرون منا يتوجهون هذه الأيام للبر والمناطق الصحراوية للاستمتاع بجمال الطبيعة والأجواء الشتوية، ولكن معظمهم لا يلقي بالاً أو اهتماماً بجمع تلك المخلفات لإيصالها لأقرب صندوق من صناديق البلدية، وبالأخص تلك الأكياس البلاستيكية المضرة للبيئة والقاتلة للدواب التي تنتشر في تلك المناطق للرعي.
الأمر لا يقتصر على المناطق الصحراوية والبر، بل تجد الكثير أيضاً من مرتادي الحدائق العامة والمتنزهات يقومون بالممارسة السلبية غير الحضارية ذاتها رغم أن سلال وصناديق البلدية غير بعيدة عنهم، لأن الأمر يتعلق بالسلوك الذي اعتادوا عليه على الرغم من الكم الكبير من المحاضرات وحملات التوعية التي تقوم بها الجهات المختصة في مختلف المواسم، وتكثفها في مثل هذه المواسم، ولكن للأسف الاستجابة ضعيفة لأن بيننا فئات لا ترتدع أو تتفاعل مع الأمور إلا من خلال منطق الغرامات والمخالفات، وكلما كانت الغرامة باهظة يتحسن الالتزام باللوائح والأنظمة بدرجة كبيرة، والشواهد كثيرة وعديدة.
عيون البلدية ومفتشو البيئة ليسوا دائماً موجودين في أغلب تلك المناطق، ما يشجع المستهترين على التمادي في تصرفاتهم وممارساتهم غير الحضارية المؤذية للعين والجمال والنظافة في مناطق حرصت الجهات المختصة على أن تكون متاحة لنا للاستمتاع بها وقضاء أوقات جميلة فيها.
وبالمناسبة نوجه كل التحية والتقدير لفرق المتطوعين، سواء في مؤسسة الإمارات أو «البيئة» الذين ينفذون حملاتهم بين فترة وأخرى للحفاظ على بيئتنا جميلة ونظيفة في جهد كبير وملموس. وتابعنا مؤخراً الكم الكبير من النفايات والمخلفات التي جمعتها حملة «نظفوا الإمارات» في مختلف مناطق الدولة، ولكن يبقى التحدي الأكبر في ترسيخ سلوك الحفاظ على سلامة ونظافة البيئة، وهو سلوك يبدأ من البيت والمدرسة، ويتعزز في الممارسة اليومية ووجود القدوة أمام النشء.
وبموازاة ذلك، نتمنى تكثيف انتشار المفتشين والمراقبين في المناطق الصحراوية التي تلقى إقبال الجمهور وكذلك في الحدائق والمتنزهات لردع المخالفين والمستهترين بقواعد النظافة وحماية البيئة.