الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كيف تكلم نفسك؟

كيف تكلم نفسك؟
26 ديسمبر 2019 00:58

في الفيلم الكوميدي القديم (مطاردة غرامية)، يذهب رجل إلى الطبيب النفسي عبدالمنعم مدبولي، شاكياً له من أنه قصير القامة، وأن هذا يسبب له ألماً نفسياً شديداً.. فيكشف عليه الطبيب، ثم يطلب منه ببساطة أن يقوم بترديد عبارة: «أنا لست قصيراً جداً، أنا طويل للغاية..» كي يصبح على ما يرام!
يسخر الكثيرون من هذا الأمر، الذي يسمى في كتب التنمية البشرية «التأكيدات اللغوية»، ويسمى في كتب التأمل واليوجا «مانترا».. حيث ينصحون بترديد عبارة معينة، لإقناع عقلك الباطن بشيء ما يحل مشكلتك!
فهل هذه الأشياء فعالة حقاً؟ ما رأي العلم في هذا الأمر؟
حاول بعض العلماء الإجابة بالفعل.. ففي تجربة، طلبوا من الناس ترديد عبارة معينة، وجدوها في أحد كتب التنمية البشرية، وهي عبارة «أنا شخص محبوب» ليعرفوا تأثيرها عليهم.. فوجدوا نتيجة غريبة، هي أن الناس الذين لديهم تقدير ذاتي مرتفع، زاد تقديرهم لأنفسهم أكثر.. بينما الذين يعانون من تدني التقدير الذاتي، ازداد شعورهم ذلك سوءاً!
فما معنى هذا؟
هل التأكيدات اللغوية مفيدة فقط لمن يتمتع بتقدير ذاتي مرتفع دون سواه؟
الإجابة هي: لا، فهذه النتيجة قد تعني شيئاً مختلفاً تماماً. لو تأملنا تصميم هذه التجربة، نجد أن العبارة التي تم تكرارها، عبارة عشوائية.. لا علاقة لها بمعتقدات الشخص تجاه نفسه.. لذلك زاد التقدير الذاتي لمن يعتقدون أنها صحيحة، بينما شعر أصحاب التقدير الذاتي المنخفض بمدى تناقض العبارة مع شخصياتهم، فتضايقوا أكثر!
في تجربة أخرى، طلبوا من المشاركين ترديد عبارات إيجابية، ليست عشوائية هذه المرة، بل تم استخلاصها من مذكراتهم الشخصية.. أي عبارات كتبها الشخص بنفسه مسبقاً، ذاكراً صفات إيجابية معينة يراها موجودة فيه.. فماذا كانت النتيجة؟ تكرار هذه العبارات جعلهم يشعرون بشعور أفضل تجاه أنفسهم!
الحوار الذاتي الإيجابي مفيد، ويتم تطبيقه بالفعل في علم النفس الرياضي لتحسين أداء اللاعبين.. وفي فنون الأداء المختلفة لزيادة الثقة بالنفس.. لكن بشرط، أن يتمتع بالمصداقية لدى الشخص. أن يتوافق مع ما يعتقد الإنسان أنه يتمتع به بالفعل من مهارات وصفات شخصية، لا متناقضاً معها بشكل مثير للسخرية!
لتطبق ذلك بشكل عملي في حياتك، اكتب كل خصالك التي تعرف أنها موجودة لديك.. المواقف التي استطعت اجتيازها أو الإنجازات التي حققتها.. اكتب ما يتبادر لذهنك دون تفكير، إلى أن تكتب أكبر كم ممكن.. ثم انظر لما كتبت، واختر أكثر العبارات إيجابية ومصداقية، كي تذكر نفسك بها دائماً، إن قل تقديرك الذاتي لأي سبب..
ببساطة، حين تواجه موقفاً عصيباً، تذكر نجاحاتك السابقة.. قل لنفسك إنك قادر على تجاوز هذا الموقف، كما تجاوزت مواقف مشابهة قبل ذلك.. حين يضعف إيمانك بنفسك، تذكر خصالك الجيدة وقدراتك كي لا تنسى.. اجعل صوتك الداخلي صوت صديق حميم، لا عدواً يريد إحباطك.. فأنت أقرب إنسان إليك.
الحوار الذاتي الإيجابي مفيد، لو كان في داخلك ما يدعمه من أدلة وبراهين تزيده مصداقية..
لذلك، ليس مفيداً أن تقف أمام المرآة، قائلاً: إنك «لست قصيراً جداً، بل طويل للغاية!»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©