تابعت تصرفاً مسؤولاً وشجاعاً لموظف في إحدى الجهات تكفل بدفع رسوم معاملة كان قد أخطأ في تنفيذها، لأنها تتطلب إجراءات جديدة ورسوماً تدفع من جديد في ممارسة تكشف كذلك الطبيعة الصماء للأنظمة أو «السيستم» غير القابل للتعديل أو التصحيح.
بالمقابل وعلى غير تصرف مثل هذا الموظف المسؤول، تجد آخر يرد بكل برود على المراجع بأن عليه تقديم المعاملة من جديد، خاصة عندما يتعلق الأمر بتبعات مالية للمعاملة لسدادها.
تصرفات وأساليب أداء تعبر عن غياب ثقافة العمل والمسؤولية والشجاعة في تحملها عند وقوع خطأ أو سهو. تخيل أن تنتظر شهوراً لكي تعيد لك هذه الجهة أو تلك رسماً تقاضته منك من دون حق مرتين بسبب سهو موظف في تعديل فاتورة أو إدخال بيانات صحيحة في أوقاتها وبالطريقة المطلوبة منه.
أما عن نظرة بعض موظفي دوائر الموارد البشرية و«المعاشات» في كيفية التعامل مع أخطائهم، فهي غريبة، باعتبارهم دائماً على حق، ناهيك عن الفوقية في التعامل مع الموظف الذي يواصلون الطلب منه تقديم أوراق مطلوبة أو بيانات حتى وإن كانت متوفرة لديهم!!.
تصرفات وممارسات تعبر عن فجوة هائلة في إدراك ماهية «الموارد البشرية» وإدارتها، حيث ينظر ساكنو الأبراج العاجية والمتخندقون خلف الأبواب التي تفتح بالأرقام السرية لدورهم باعتباره عملاً استراتيجياً خطيراً لرصد المتسيبين والمتهربين من الحضور والانصراف على حساب تقدير الإنتاجية والأداء وإذكاء المنافسة ونشر الإيجابية.
هناك فرق وجيوش من الموظفين المتكدسين في أقسام الموارد البشرية يذكرونك دائماً بقصة النملة النشيطة والعاملة الوحيدة التي انتحرت بعدما تسبب مستشار ملك الغابة الثعلب المكار في تقييد حركتها ووضع عشرات المراقبين لعملها، مهمتهم رصد كل شاردة وواردة في عملها حتى أُحبطت واختارت تلك النهاية.
لذلك ليس غريباً أن تجد موظفاً يعين ويحال للتقاعد بعد فترة ولا يعرف شكل مدير الموارد البشرية لإصرار الأخير على البقاء في برجه العاجي متعالياً على الذين وظُف لخدمتهم ويتقاضى راتباً وبدلات عن الاجتماعات المتواصلة التي يشارك فيها من دون نتيجة أو أثر مباشر على بيئة العمل أو تطوير الأداء.
ثقافة تقدير الآخرين وجهدهم غائبة عن أمثال هؤلاء، وبالتالي انعكس على العاملين، وباتوا يتعاملون معهم ومراجعيهم بتلك الروح البعيدة عن المسؤولية وشجاعة الاعتراف بوقوع تقصير أو خلل.