وجه المرأة مرآتك التي تصبح بها وتمسي. عندما تفتح عينيك على وجه امرأة مثل مرآة قديمة، ترى العالم مثل طقس صيفي مفعم بالرطوبة، فتشعر بالاختناق، وينتابك شعور بأنك تعيش في نهاية التاريخ.
عندما تنظر إلى وجه امرأة، وتراه مثل سجادة قديمة، عاث فيها الغبار، وعبث التاريخ، يعتريك الخوف على مصيرك، ويطوقك إحساس مشوب بالفقدان، تشعر وكأنك فقدت بصرك في لحظة مباغتة أليمة.
عندما يداهمك وجه امرأة معجون بطين العبوس، يستولي عليك شعور بالندم، وتوبخ نفسك، وتقول في سرك، لماذا ولدت أنا في زمن تولد فيه نساء بملامح أوراق اللوز العجفاء.
عندما تصطدم بوجه امرأة أشبه بتكشيرة البيداء في فصل الصيف، تلوم أنت نفسك، وتؤنبها، لماذا لم تختزل التاريخ، وتسكن في أحضان ريح تأخذك إلى مناطق أبعد من الخيال.
عندما تواجه امرأة لها وجه المواقد ساعة طهو الفراغ، وحرق حطب الغابة من دون مبرر أو مسوغ، تخرج أنت عن طاعة ضميرك الإنساني، ولا تفكر إلا في الخلاص، عندما تنظر إليك امرأة مكفهرة تنقلب حياتك من بياض المزن، إلى سواد دخان عوادم السيارات، فتقوم قيامتك، وتنتشر في داخلك المخالب والمثالب، وتنتقل أنت إلى جوار أفكار تقتحم رأسك مثل الجراد، ولا تنتبه إلا والعشب الأخضر تحول إلى هشيم تذروه الرياح.
عندما تقترب منك امرأة وفي عينيها كل هزائم التاريخ، وتراكمات المجتمعات الذكورية، ومنغصات الإحساس بالدونية، تسقط أنت من قمة الجبل، مثل متسلق رياضي فاشل، ويحتويك الدوار، ثم الغثيان، ثم الهزيمة المنكرة أمام طموحاتك، ومتطلبات عصرك.
عندما تقابل امرأة تمشي مثل طير مهزوم، وتتخبط في المكان مثل قشة تعبث بها أجنحة ريح صرصر، تصاب أنت بالنكبة، وتحتلك جحافل من مشاعر مشوشة، فتختفي أنت تحت رفسها، وعسفها، وخسفها، تختفي أنت مثل أرنب جبان، خضته ركلات الغضب من كائن متوحش.
عندما تحضر في حياتك امرأة تعبث بالأحزان، مثل طفل يتلهى بمسبحة الكهان، تشعر أن الحياة ليست أكثر من أغنية تافهة، على لسان مغنٍ كذبوا عليه، وقالوا له إنك فنان.
عندما تجد نفسك مصادفة أمام امرأة في مخبأ التقطيبة المفزعة، تنكسر أغصان أشجارك، وتتلوى العصافير من البرد، وتذهب الأعشاش إلى هاوية النهايات المؤلمة، ولا تجد موئلاً للقلب غير صخرة على ظهر ربوة قاحلة.
عندما تخون المرأة أنوثتها، وتنسحق تحت معاجين الألوان الباهتة، تفكر أنت في الخروج من هذا العالم، بحثاً عن شجرة تظلك بظلها، من دون رتوش أو خدوش.