- انتهى العرس الجميل مثلما ابتدأ، دون صخب ولا مضايقات ولا تهديدات ولا أعمال إرهابية توتر حياة الناس العاديين، وهذا أمر في غاية الأهمية ويحسب لروسيا، ولتنظيمها لأهم تظاهرة كروية عالمية، كان وداعاً جميلاً ويليق بكرواتيا وفرنسا وروسيا، فالكل خرج كاسباً، ويتغنى بنجاحه، على أمل لقاء آخر جديد بعد أربع سنوات، وبتحديات كبرى، وعلى المنظم المقبل أن يتجاوز كل زهو روسيا، وما فعلته، وما ابتكرته، وما قدمته ليكون الجميع سعيداً، وكل العالم فرحاً، غير أننا نحن الشغوفين بهذه التظاهرة، وما تحمل من فرح متجدد، لا نريدها كل أربعة أعوام في ظل تطور الكرة ومدارسها وحرفية نجومها وما يصاحبها من أمور اقتصادية وسياحية وإعلامية، وصناعات كثيرة مبنية عليها، هذه اللعبة الرياضية. - ليس بالضرورة أن يكون التجنيس في كل الأحوال مضراً، فأحياناً التجنيس يصنع الفرق، ويخلق عندك فرقة وطنية تجلب لك الكأس، وفرنسا هنا مثال صارخ، لا يهم إن عوى اليمينيون وقالوا إن نجوم منتخب فرنسا لا يعرفون كيف ينشدون النشيد الوطني الفرنسي الـ«مارسيلليز»، لكنهم المهاجرون الذين أفرحوا فرنسا وتاريخها مرات، ومن أجل انتصاراتهم كان يعزف، ومن أجل فرنسا كان عرقهم الذي لا يجف، وقد لا تعني لهم حينها بلدانهم السبعة عشر التي جاءوا منها أو اختلطت بجنسيات أخرى، فشعار فرنسا كان يظل الجميع، ومن أجل الجميع «حرية، إخاء، مساواة». - غالباً لا تنجح المغامرة حتى النهاية، لذا حريّ بكرواتيا أن ترضى بما حققته، وهو ليس بالأمر الهين، وتفرح بمنتخبها الكبير الذي صنع مجداً وشهرة لوطن صغير، وعليها أن تستقبله استقبال الأبطال. «دوشامب» يكفيه ما حققه للمنتخب الفرنسي ولنفسه لاعباً ومدرباً، فقد شاخ فجأة وبسرعة كبيرة، والمجد أن يعتزل، ويستقر في قرية صغيرة في «نورماندي أو إيكس بروفانس»، فلا هو سيفرح مع أندية أوروبية كبيرة، ولا نتائجها ستسره، وتضفي له مجداً آخر، ولا سيجد في نفسه كل تلك الحماسة ليدخل كأس العالم مرة ثانية بفريق كان هذه المرة كلهم شباب وموهبة، وقد قطفوا أقصى ما يتمنون. - اقتراح في غير وقته ولا مكانه، لقد شكل «ماكرون» مع رئيسة كرواتيا ثنائياً سياسياً كروياً جميلاً، بعيداً عن نصفهما الآخر، خاصة وأن المطر فاجأ الجميع خالقاً أجواء رومانسية قلما تتكرر، وكأن مجيء المطر كان احتفاء بالنصر، واحتفاء بمن يحبون الحياة وهي أكثر لون وبهجة. - يستحق «مودريتش» أفضل لاعب في البطولة، فقد كان محرك المنتخب الكرواتي طيلة جميع المباريات، كما يستحق «مامبي» لاعب فرنسا الناشئ الخطير، لأنه كان أكثر الجميع عطاء، ويكاد أن يعادله «كيرسمان» بدرجات متفاوتة طوال مباريات البطولة، لكنها حسابات للفيفا كثيرة ومعقدة، وقلما ترضي الجميع.