نال «مونديال 2018»، وهو أول مونديال في عهد السويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي، درجة الامتياز على كل الأصعدة، بعد شهر كامل من المتعة والتشويق الكروي، وأثبتت القوى الجديدة أنها «خير خلف لخير سلف»، وأن البطولة، التي أطاحت بالكبار في التصفيات والنهائيات، لم تفقد بريقها حتى خط النهاية. وسيدخل «المونديال الروسي» التاريخ من أوسع أبوابه لعدة أسباب منطقية. أولاً: أن البطولة كانت قمة في الإثارة بتمردها على أحلام الكبار، فأخرجت العديد من الأبطال من التصفيات «الكاميرون بطل أفريقيا وأميركا بطل الكونكاكاف وتشيلي بطل كوبا أميركا وإيطاليا بطل مونديال 2006 وهولندا وصيف بطل المونديال 3 مرات»، وعندما حان موعد النهائيات مارست «المقصلة» هوايتها، وأطاحت بالمنتخب الألماني بطل مونديال 2014، وبالإسباني بطل 2010، وبالبرازيلي بطل 2002، وبالأرجنتيني بطل مونديالي 1978 و1986. ثانياً: أن «مونديال القياصرة» كان الأكثر عدلاً بفضل الاستعانة بتقنية الفيديو، ويكفي أن تلك التقنية أسهمت في «تصويب» 60 قراراً خلال البطولة. ثالثاً: تابع العالم كأس عالم خالية من «الغش»، بعد أن جاء تحليل 2037 عينة خالياً من المنشطات، وهي نتيجة تبرئ ساحة جميع لاعبي البطولة، بمن فيهم نجوم المنتخب الروسي الذين طالتهم الشائعات في بداية المونديال. رابعاً: أسهم المنتخب الروسي بدور فاعل في إثراء البطولة بأدائه القوى، ويكفي أنه لم يغادر المشهد المونديالي إلا في ربع النهائي بعد أن خذلته ركلات الترجيح أمام كرواتيا. رابعاً: إن معظم مباريات البطولة لم تخل من التشويق، حتى أن مباراة فرنسا والدانمارك الوحيدة التي انتهت بالتعادل السلبي. خامساً: تعد البطولة ثاني أقل مونديال في التاريخ، فيما يتعلق بالبطاقات الحمراء. سادساً: كافأت البطولة «شياطين بلجيكا» ومنحتهم المركز الثالث لأول مرة في تاريخهم، ويكفيهم أنهم قهروا البرازيل في ربع النهائي، وهزموا الإنجليز مرتين في بطولة واحدة، رافعين شعار «دي مش كورة .. دي بلجيكا»! سابعاً: نجحت روسيا، بدرجة امتياز، في فصل السياسة عن الرياضة، فنالت إشادة أعدائها قبل حلفائها. ثامناً: لعب الأمن الروسي دوراً مهماً في توفير الأجواء الإيجابية لجميع المشاركين، فتبددت كل المخاوف الأمنية، ولم تشهد البطولة أحداث شغب من شأنها أن تعكر صفوها. ولا نملك إلا أن نقول «أيها الروس.. ارفعوا الرؤوس». ××× لأننا نكتب هذا المقال قبل المباراة النهائية، لظروف الطباعة، نعد أن نهنئ بطل المونديال بما يستحق في مقال الغد. وإلى اللقاء في النسخة 22 عام 2022 بمشيئة الله .