كنت معكم خلال كأس العالم على الهواء في أصداء العالم الذي لم يكن برنامجاً تحليلياً، بقدر ما كان برنامجاً رياضياً، ولكن بضيوف من الوسط الفني، خاصة أننا لا نملك حقوق الصور، ومن غير المعقول أن نحلل ما لا نرى، وتشرفت باستضافة حوالي ستين نجماً عربياً بعضهم كان لا يحب كرة القدم، وتحول إلى عاشق، وبعضهم يفهم فيها أكثر مني، فكرة القدم هي لعبة الشعوب والكل يدلي بدلوه فيها، حتى لو لم يكن متخصصاً، وربما تكمن في هذه الجزئية حلاوتها وأحياناً «صعوبتها»، لأن الكل محلل ومدرب وناقد ومعالج ومدلك وحتى لاعب. وكنت معكم أيضاً خلال البطولة مع صحيفة «الاتحاد» التي تثبت يوماً بعد يوم أنها تغرد خارج السرب الصحفي، من خلال فريق عمل كبير بفعله وببصمته على الساحة الإعلامية الرياضية المزدحمة بالصفحات والمقالات والتحليلات. كأس العالم مناسبة تختلف عن أية بطولة كروية أو رياضية، وتختلف حتماً عن الألعاب الأولمبية، وأمم آسيا أو أوروبا أو أفريقيا، فهي توحد العالم كله تحت راية كرة القدم، والجميل فيها انتقال العشق أو التشجيع من منتخب لآخر في البطولة نفسه، فمن كان يشجع البرازيل شجع فرنسا مثلاً، بعد خروج الأولى، ومن شجع الأرجنتين شجع بلجيكا، بعد خروج رفاق ميسي، ثم حول إلى كرواتيا، بعد خروج بلجيكا من السابق على اللقب. وهناك من شجع أكثر من أربعة منتخبات أو حتى خمسة، فمن يعش في أفريقيا وقف مع منتخبات قارته أو مع المنتخبات التي يشارك فيها لاعبون من ذوي أصول أفريقية، وأنا شخصياً شجعت كل منتخبات آسيا ماعدا أستراليا التي لا أشعر أنها تنتمي لقارتنا ولا تضيف لها شيئاً، وأتمنى أن يتم اتخاذ القرار بإعادتها، حيث كانت عبئاً علينا، وعلى منتخباتنا، ولم نستفد منها شيئاً، ولا أدري من الذي صوت على انضمامها للقارة ولماذا غير «العوائد المادية التي سمعنا عنها ولا أظنها تستحق ذلك». بالتأكيد سنشتاق لكأس العالم، ولكن عودة الدوريات العربية والعالمية، وانطلاق الموسم الكروي بكؤوس السوبر، إضافة لدوري أبطال العرب، أمور كفيلة بأن نغير بوصلة الاهتمام للأمور المحلية التي يضعها البعض أحياناً قبل الأمور القارية أو الدولية، وهو خطأ كبير في قناعتي، فما الفائدة في أن تحرز بطولة دوري بلادك ألف مرة، وتبقى بعيداً عن دوري أبطال قارتك؟ أعرف أن الحرب على أكثر من جبهة تتطلب استعداداً وعتاداً، ولكن من لا يريد صعود الجبال سيعش أبد الدهر بين الحفر.