كثيراً ما نرحل وراء تأملاتنا، وخطفاً من الوقت نتأمل بعمق الأشياء الجميلة التي تصادفنا، ونصغي أيضاً بعمق لموسيقى تكمن في الروح كلما فقدنا توازن النفس، أو فقدت منا بوصلة الثواني، ونصاب بالإسهاب الجميل، كأن نتعمق بوجودنا وما يلف حياتنا من صدف وأحوال وشخوص، لا يسدل الستار، بل الأشياء الوجودية تظل محل تناغم في النفس، لذا نستلهم الكثير من قراءة المتأمل من دلالات. التأمل في الحياة ضوءُنا ومدانا وحيزنا الحياتي وتفسيرنا الآتي، قصصنا ورؤانا تعيش في خلدنا تبتغي ذاتنا، تفسير آخر لهذا الصمت المتوهج في ذواتنا، حريتنا المبعثرة بألوان الطيف، خيالنا حين يفتح نافذة المناجاة، فهذا الحيز الخرافي يشكل طواف الحياة، وحضورنا في ذاكرة المكان. إنها جزئيات الحياة التي لا تغيب ولا تمحى من الفصول، تظل تحت إرادة التأمل في حوارنا مع النفس، لغة من لغات الحياة الشفافة، صلة من الصلات بيننا تكبر وتتفرد، لحظة صمت ممكن تجسد حواراً بينك وآخر يصدف وجوده بالمقهى مثلاً، لحظات التأمل تحتويك بأصدقاء من وحي الذاكرة، ربما ملامحهم أو ملامحك المشابهة لأصدقاء لهم، يجرك التأمل لسرد عالم من الأفكار والحوارات. إنه الترحال الجميل في عالم باطني يبدو سراً من أسرار الوجود، فمن صمتنا وتأملنا نستقي الكثير من الأفكار، فهذا الحوار الأبجدي للمكان والزمان وما تخفيه النفس من قرة عين، ترحال الهدوء ونقاوة الصورة وإطلالة الذات على الذات، فالأمكنة تغلفنا بصوت خفي ورتم غريب يحاور الذات والمكان، يتقاطع مع اللحظات في استرسال جميل. فحين تصادفك الحياة بصعوبتها فحالا ترتسم لك لغة التحرر من مكامن القسوة، واتجاه النفس نحو النفس في لغة من التأمل الصامت، ومن ترحال في تجليات البحث عن إجابات، أو ربما تساؤلات الإنسان الصلد، أمام الإنسان المستسلم لرؤى ذاته وتأملاتها واختلاجاته، ولا ضيم في الاستسلام للحظات كهذه ففيها من عمق الحوار ما يكفي لمستخرجات جميلة ورائعة، هي بمثابة النضج الفكري المتقلد مشاعر الصمت، والمتكون بالذات بتيارات مختلفة الاتجاهات، إلا أن التأمل يعيدها لترجمة نظرية يقاس عليها القرار.