حينما سألوه عن طموحه وهو في الرابعة عشرة من عمره، قال الفرنسي كيليان مبابي، إنه يطمح بالصعود إلى القمر، لأنه لو فشل سيصل إلى السحاب على الأقل.. هكذا تمضي مسيرة النجم الفرنسي القادم، والمؤهل ليكون واحداً من أعظم لاعبي الكرة، إنْ واصل السير بالمستوى ذاته الذي جعله من نجوم كأس العالم، على الرغم من أنه لم يبلغ العشرين من عمره بعد. مبابي، المولود في فرنسا لأب من أصول كاميرونية، وأم جزائرية، يحفل بسيرة تنبئ عن لاعب استثنائي في تاريخ الكرة الفرنسية، واستطاع رغم عمره الصغير أن يضع نفسه في مصاف النجوم، ويكفي أن إعارته لنادي باريس سان جيرمان، إلزامية الشراء في الموسم المقبل بـ 180 مليون يورو، وهو رقم كاشف لما يمثله اللاعب للنادي وللكرة الفرنسية بأسرها. مبابي الذي ترشح لجائزة أفضل لاعب في أوروبا عن أدائه الرائع في الدوري الفرنسي ودوري أبطال أوروبا، والحاصل على جائزة الفتى الذهبي، وحصل على المركز السابع في جائزة الكرة الذهبية، وأصغر هداف فرنسي في تاريخ كأس العالم، يبدو أنه شب عن طوق الهواية، وبات بإمكانه أن يحلم بما بعد القمر. مبابي قاد فرنسا للفوز على الأرجنتين في مباراة رائعة بدور الستة عشر، وأحرز هدفين من رباعية الديوك، وتسبب في ضربة جزاء، ويأتي في المركز الرابع بين هدافي البطولة، وقدم أداء رائعاً في البطولة، لا سيما أمام التانجو، حيث كان العازف الأول دون منافس، وأرهق الدفاع الأرجنتيني بسرعته الخارقة، وتمكن من تحقيق رقم قياسي، بعدما أصبح أصغر لاعب يسجل هدفين على الأقل في مباراة واحدة منذ مونديال 1958، حيث يسبقه أسطورة البرازيل بيليه عن عمر 17 عاماً و8 أشهر، الأمر الذي دفع الجوهرة السوداء لتهنئته عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ودفع هوجو لوريس حارس مرمى المنتخب الفرنسي للتأكيد على أن كيليان مبابي بإمكانه مساعدة فرنسا للفوز بكأس العالم للمرة الثانية في تاريخهم.. كثير أن تتعلق الأماني بأصغر اللاعبين سناً.. لكن من يحملون مثل تلك الأمنيات على عاتقهم.. وحدهم مؤهلون ليصبحوا أساطير. مبابي ليس لاعباً فذاً وفقط، لكنه أيضاً صاحب رسالة، ويكفي أنه رفض تقاضي أجر مقابل اللعب لمنتخب فرنسا، وتبرع بـ 17 ألف يورو عن كل مباراة يخوضها مع الديوك في المونديال بخلاف الحوافز والمكافآت لإحدى المؤسسات الخيرية التي ترعى الأطفال، مؤكداً أنه طالما يلعب مع منتخب بلاده فإنما يلعب لأجل الناس. ربما لا تزال وصية الأم الجزائرية عالقة بذهنه، حين كانت تطالبه دوماً بالتواضع، لكن يبدو أن الأم التي كانت لاعبة في كرة اليد، صنعت ما هو أكثر من النصيحة.. أما قدوته، فكان البرتغالي كريستيانو رونالدو.. توليفة تكاملت لتصنع معادلة جديدة ومبهرة في الكرة الفرنسية.. مبابي الجواد الذي بإمكانه أن يصل إلى أبعد من القمر. كلمة أخيرة: غالباً الأساطير.. لديهم ما هو أكثر من الكرة