قبل 3 سنوات، تقابل منتخبنا الوطني مع المنتخب الياباني في الدور ربع النهائي لكأس أمم آسيا في أستراليا، أحداث المباراة كانت عبارة عن فرصة يتيمة حصلنا عليها، تمكنا خلالها من تسجيل هدف التقدم، مقابل هجوم كاسح من اليابانيين، وسيل من الفرص، فقد امتلكوا الملعب بالطول والعرض، ومن حسن حظنا أنهم لم يسجلوا سوى هدف واحد فقط من ذلك الكم الهائل من الفرص، ثم احتكمنا للركلات الترجيحية التي ابتسمت لنا، فتأهلنا إلى نصف النهائي، وخرج اليابانيون. في نصف النهائي خرجنا بسهولة بالغة واستسلام تام أمام أستراليا، ومن ثم حصلنا على المركز الثالث، بعد الفوز على العراق، عادت بعثة منتخبنا من أستراليا لتستقبلها فرق الفنون الشعبية، احتفالاً بالإنجاز العظيم، كما كان المسؤولون في الاتحاد يحاولون تسويقه، أما اليابانيون فعادوا ليفكروا في المستقبل، بدأوا في إصلاح الأخطاء، لم يكن البكاء على اللبن المسكوب موجوداً في قواميسهم. تقابلنا مجدداً في تصفيات كأس العالم 2018، وفي افتتاح المرحلة الحاسمة، تغلبنا عليهم هناك في أرضهم، وفرشنا طريقنا بالورود، وكأن بطاقة التأهل أصبحت في الجيب، بدأنا بالاحتفالات مبكراً، لم نفكر أن هناك 9 مباريات متبقية، هم تناسوا هزيمتهم الأولى وبدأوا التفكير فيما تبقى من مباريات، وكانت النتيجة النهائية أنهم أنهوا التصفيات متصدرين للمجموعة، أما نحن فلم نحصل على أي من المراكز الثلاثة الأولى، خرجنا تماماً، وتبخر الحلم الذي كان يراودنا لسنوات طويلة. فرق كبير بين من يحلم بالنجاح وبين من يعمل من أجله، واليابانيون الذين كانوا مغمورين في كرة القدم قبل 30 عاماً، خاضوا أمس الأول مباراة في الدور الثاني للمونديال أمام بلجيكا، ليتقدم اليابانيون بهدفين نظيفين على المنتخب الذي يضم في صفوفه نجوماً عالمية بارزة، ويحتل المركز الثالث في تصنيف «الفيفا»، وخاض «الساموراي» المباراة بشجاعة كبيرة، لم يلجأ لاعبوه للتمثيل وادعاء الإصابة برغم التقدم، وظلوا يهددون المرمى البلجيكي حتى النهاية، لم تكتمل فصول المغامرة، ولكنهم خرجوا برؤوس مرفوعة، ونالوا احترام العالم بأسره. خطط اليابانيون للفوز بكأس العالم عام 2050، ربما لن نعيش لنرى هل يتحقق الهدف المرسوم، وربما لن يعيش أولئك الذين وضعوا الخطة، ولكن النتائج المبدئية تبدو واضحة ومرضية، فقد اعتلوا عرش القارة الصفراء، وحققوا كأس آسيا 4 مرات، ويوجدون بصفة دائمة في المونديال، ووصلوا إلى الدور الثاني وودعوا بشرف، وغيرهم لا يزال يناقش آلية تطبيق السقف.