الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

حين يلتقي العلم بالفن: العلاج بالمسرح !

حين يلتقي العلم بالفن: العلاج بالمسرح !
5 ديسمبر 2019 00:07

تفرد المسرح بلقب أبو الفنون، نظراً لقِدم ممارسته وتشابك عناصره مع فنون عديدة كالأدب والديكور والموسيقى والغناء، وكأنه مأدبة تقدم للمشاهد ما يثري روحه ووجدانه.. لكن هل تعلم أن له دوراً في العلاج النفسي؟

سايكودراما
يعتمد واحد من أحدث وسائل العلاج النفسي الحديثة، على قيام المريض بتمثيل مشاهد أمام معالج نفسي، وفي هذه الجلسات يسمى المريض/‏‏‏العميل (البطل)، ويسمى المعالج (المخرج) لإعادة تمثيل مشاهد محددة في الحياة لتحقيق أهداف علاجية مختلفة.. تحدثنا مع المعالجة بالسايكودراما، أمل الزعفراني، عن نشأة هذه الوسيلة العلاجية فقالت إن مؤسسها هو عالم النفس «مورينو» الذي لاحظ في أوائل القرن الماضي أن الأطفال حين يلعبون مع بعضهم يقومون بمحاكاة والدهم ووالدتهم في سيناريوهات خيالية مختلفة.. فحاول تجربة ذلك مع الكبار واكتشف -بالتدريج- أن في الإمكان استخدامه كوسيلة علاجية. وقد تتضمن السايكودراما تمثيل مواقف حياتية تضايق العميل وسط مجموعة من الأشخاص الذين يلعبون أدواراً مختلفة في هذه المسرحية المصغرة.

هل هي وسيلة فعالة؟
في دراسة نشرت في دورية جروب داياميكس، قام الباحثان ديفيد كيبر وتيموثي ريتشي Kipper, D. A., & Ritchie, T. D ببحث مدى فعالية السايكودراما على المرضى أو الناس العاديين.. قال لنا الدكتور ريتشي: قمنا بدراسة مختلف تقنيات السايكودراما الأكثر استخداما على مدار عدة عقود من القرن العشرين. فوجدنا أن العفوية هي أحد الشروط الأساسية لفعالية هذه الطريقة العلاجية. وليس كتابة سيناريو محكم للمشاهد. الارتجال والانفتاح وإخراج ما في جعبة الإنسان من أحاسيس وأفكار وذكريات، ومشاركتها مع الآخرين خلال الجلسة يجعل الأمر مفيداً أكثر. والسايكودراما عموماً مفيدة لأنها تساعد في تعليم الشخص التعاطف مع الآخرين، ورؤية الحياة من منظور الشخص الآخر، الشفقة تجاه النفس والآخرين، وكلها أمور تساعد في تخطي المحن النفسية وتعزز مساعدة النفس والآخرين.

سيناريوهات متنوعة
تضرب الزعفراني مثلاً للحالات التي قد تستفيد من السايكودراما، قائلة: لنفترض أن العميل عنده مشكلة مع والده.. لا يستطيع التواصل معه بشكل جيد.. في جلسة السايكودراما يأتي المعالج/‏‏‏ المخرج بشخص كي يمثل دور الوالد، ويجري بينهما حوار كي يخرج العميل كل ما لديه، ويمكن أيضاً أن يتم عكس الأدوار ويقوم العميل بتقمص شخصية والده ويحاول تبرير مواقفه ويتكلم بلسانه.. قد يجد نفسه يقول على لسان والده مثلاً: نحن لا نتفاهم يا بني لأنك منعزل في غرفتك ولا تتواصل مع الأسرة كثيراً.. فيرى الأمور من منظور جديد ويقرب المسافات مع الطرف الآخر. وهناك سيناريوهات أخرى كثيرة.. شخص لا يستطيع التعامل مع مشاعر معينة، كالغضب والذنب والخوف، فنقوم بتمثيل هذه المشاعر، كي يتحدث ويتعامل معها.. عميل محتار بين رأيين، فنقوم بتمثيل هذين الرأيين، كي يجادلهما ويقرر أيهما يختار..

ويحكي الدكتور ريتشي كيف أنه شخصياً قام بتمثيل دور أب على فراش الموت، لم تتمكن ابنته من توديعه قبل أن يموت.. واستطاعت التعبير له عما في داخلها من مشاعر، كي تستطيع تخطي هذه المحنة التي كانت تؤرقها. كما قام بتمثيل دور زوج تعاني زوجته من مشاكل كثيرة معه، واستطاعت التنفيس عما في داخلها وفهم وجهة نظره.. ففي جلسة علاجية مكونة من 8-12 شخصاً، ومعهم المعالج/‏‏‏المخرج، هناك الكثير مما يمكن إنجازه لتخطي الذكريات المؤلمة والتحديات الحالية في الحياة.

هل يمكن الاستفادة من السايكودراما في الحياة العادية؟
يقول الدكتور ريتشي، إن حضور جلسات السايكودراما تمد الشخص بمهارات قد تفيده في حياته.. لكن يجب أن يمارسها أولاً تحت إشراف معالج متخصص ومرخص لكل من العلاج الفردي والجماعي والاستشارات النفسية، وعلى دراية وخبرة بالنظريات النفسية والتقنيات والأبحاث المتعلقة بالموضوع. وهو ما تؤكده الزعفراني؛ إذ تحذر من خطورة ممارسة هذه الوسيلة العلاجية على يد شخص غير مؤهل، لأنها تعيد تكرار ذكرى سلبية مؤلمة، والتعامل الخاطئ معها قد يزيد ترسيخ الصدمة النفسية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©