منذ الزمان القديم، الزمان البعيد الساكن في حضن الحركة الأولى، الشغف الأول والمغامرة، سرت الأرض هنا ومن عليها نحو الأمل، تتبع الأحلام التي لم يكن في تلك البدايات فيها سوى البحر بعطاياه، وبتوحشه، وذلك الامتداد الشاسع للرمل حيث تتوه الركاب لولا قرب السماء وصفائها بنجومها المتلألئة، وتلك الجبال الممتدة على الأرض العالية في الأفق، الصادمة لامتداد النظر.
الأمل، الأمل، الأمل بغد جديد ومختلف، يحمل حبات الرمل في هواء الشتاء البارد، يحمل العشب ويتسع على بساط الأرض، يحمل دقات القلوب الصغيرة نحو فرح مضيء، يحمل أشواق العشاق وشغف الحب على كف الغيوم. يحمل نشيد البحر ورقصة الصحراء وترنيمة الجبل وانتشاء الشجر.. يلم الأطراف في قلب واحد.
كان الأمل، فجاء يوم المسيرة الكبرى، جاء من كل الأزمان تشغله الحدود وتوتره الفرقة، جاء كما المستحيل يغير كل المتوقع، كل الساكن، جاء يحمل شعلة يجوب بها في مساحات العتمة، لينزاح خوف، وتتجلى الرهبة من القلوب، فتغير الواقع تماماً، تغير إلى شيء لم يحدث أبداً، وصار الماضي مرآة لقوة الحاضر.
شعلة للبناء، للعمل، للخلق، للنص، للكتابة، للقصيدة للإبداع في تجلياته العظمى، للوحة الفنان، وموسيقى الحياة وهي تتوج إيقاع الأيام بالإنجازات المتتالية.
شعلة ترفع سقف التطلعات، وتؤثث جناحين في الحكاية، حكاية الإنسان وأحلامه في الانطلاق عالياً ليربت على كتف المحال ويبتسم، ليضع راية في مسيرته يقف أمامها العابرون بإجلال الكبار.
شعلة، تبوح بأسرار الحكمة ومنجزات الكتب، يسمع منها حفيف الشجر، خرير الماء، وشجن الناي، تكتب سطوراً لا تمحى منها الكلمات، وحروفاً تلمع كالذهب، حين يتوه المسير تناديهم: أنا هنا.
هو الوطن إذاً في يومه، متجلياً كسماء ومنساباً كنهر، متوهجاً كمحيط، تعشقه الروح وتفديه، وترصع له الأنامل بالألماس تاجاً صنع من قصيدة حب.
شعلة راسخة تحرق الجهل كلما دنا وتضيء دروبك كلها، حيث تمضي الأجيال في درب السلام والمحبة نحو البهاء الخالد في الإمارات.. الوطن والقلب والنبض.