قبل عدة سنوات، وفي مجلسه العامر أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، دعوة للعلماء، لابتكار حلول لندرة المياه في منطقتنا، لا سيما وأن شبه الجزيرة العربية ستواجه خلال الخمسين عاماً المقبلة أزمة حقيقية في هذا المورد الحيوي، خاصة أنه لا أنهر فيها، كل اعتمادها على الأمطار الموسمية. تلك الدعوة السامية كانت تجسيداً لرؤية ملهمة لقيادة حكيمة تعاملت مع هذه القضية المؤرقة بإيجاد حلول مستدامة، على خطى القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وتتذكر الأجيال بكل إجلال الكيفية التي تعالج بها قضية المياه في مدينة العين عندما كان ممثلاً للحاكم، وتعزيز شبكة الإفلاج فيها. كما حرص- رحمه الله- على الاستعانة بأحدث التقنيات العلمية المتقدمة لتعزيز مخزون المياه الجوفية في البلاد، وأوكل لإحدى الشركات الألمانية المتخصصة، رصد وتتبع المياه لتكوين مخزون استراتيجي عبر الأقمار الصناعية. وأتذكر حرص المستشار الألماني الأسبق جيرهارد شرويدر على تنفيذ دعوة القائد المؤسس بأن يكون الضيف أول من يشرب من مياه البئر المتدفقة بعد الوصول إليها بتلك التقنية في صحراء ليوا، أواخر تسعينيات القرن الماضي. اليوم نلمس ثمار هذه الرؤية التي سار على نهجها قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأكدها الشيخ محمد بن زايد بقوله: «إن صاحب السمو رئيس الدولة، رسخ أسس التنمية المستدامة لبناء إنسان المستقبل القادر على صون ركائز الدولة». نلمس هذه الثمار وعاصمتنا الحبيبة، عاصمة الاستدامة تشهد خلال الأيام القليلة الماضية، وضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة الإعلان عن مشروعين عملاقين، هما الأكبر من نوعهما في العالم، مشروع تحلية المياه ومشروع تخزين المياه. رؤية حملتها القيادة في التعامل مع المورد الحيوي منذ عهود مبكرة، أشار إليها معالي أحمد جمعة الزعابي نائب وزير شؤون الرئاسة في مقال له بصحيفتنا منذ أيام، بمناسبة «مئوية زايد»، عندما أشار لإرسال القائد المؤسس صهريجي مياه لأهالي الجزيرة الحمراء في خمسينيات القرن الماضي لمساعدتهم على تنظيم مواردهم المائية في تلك الحقب العصيبة لما قبل قيام دولة الخير على يد زايد الخير. أسبوع أبوظبي للاستدامة، لم يكن مناسبة لاستعراض ريادة الإمارات فحسب، وإنما حمل رسالة لأجيال المستقبل للحفاظ على إرث زايد.