«لا أمل إلا في مقود السفينة الأبدي، سأحركه في قارعة الماء، حيث النور المتجدد في وميضه»، تلك عبارة في الرواية التي تعيد للتاريخ بريقه مثل غواص وبحار يقلب المحارات الكثيرة بحثاً عن لؤلؤة ثمينة. سلطنة هرمز القديمة واسعة وكبيرة، والإبحار بعيداً خلف التاريخ لا بد أن يكون الراحل إلى هناك ابن هذه السلطنة أو عاشقاً كبيراً، الكثير من عشاق التاريخ والمهتمين بالخليج العربي وتاريخه القديم قد أبحروا منذ زمن خلف التاريخ، خصوصاً في محيط سلطنة هرمز ولنجة والسواحل العربية بين شطي الخليج العربي. كتابات كثيرة قيمة قدمت، وأبحاث كثيرة دوّنت ونشرت، درست التحولات ورصدت كل شيء عن الأرض والإنسان، ولكن إنْ تحولت الأحداث والشخوص وحياتهم في سلطنة هرمز القديمة إلى نص روائي أدبي رصين هو الأمر الجميل والرائع.
لقد التقيت الروائية الإماراتية ريم الكمالي في عمَّان الأردن، وفي حلقة نقاش حول الرواية والسرد والكتابة استوقفني رأيها في الأعمال الجديدة للشباب، حين قالت لأحدهم إنها قرأت روايته أثناء جلوسها في المقهى ومرة واحدة، وكأنها تقول إنها تهتم بالكتابة العميقة المسؤولة. شابة إماراتية، وفي الموجة الجديدة للكتابة الروائية النسائية الآن والمتجهة إلى الذاتية والكتابة في الشؤون الشخصية، قدمت ليّ هدية هي روايتها سلطنة هرمز، ومنذ مدخلها أظهرت أنها تمتلك ناصية الكتابة الراقية الجميلة والقوية في اختيارات الجمل، بل تمتلك قلماً رائعاً ويسنده فكر مستنير، يبدو أن اختيار الكتابة عن سلطنة هرمز هو لوحده دلالة قوية أن الكاتبة تختلف عن كتابنا الشباب في الرؤية وأهمية الكتابة وعن أي شيء يجب أن يجري مداد القلم.
رواية سلطنة هرمز تتناول الجانب الاجتماعي والتاريخي لهذه السلطنة في منطقة خصب والحياة الاجتماعية هناك في العهود القديمة، وكيف عاش الناس، وكيف بنت السلطنة الهرمزية في خصب والمحيط بها تاريخاً وحياة اجتماعية قوية ارتكزت على أسس ثقافية ومعرفية انطلقت منها إلى المحيط الخارجي عبر البحار والمحيطات.
رواية الكاتبة والروائية ريم الكمالي تقدم لنا كاتبة جديدة ومهمة في نوع الكتابة والتفكير يختلف كثيراً عن موجة كتاب الرواية في الإمارات وعلى الخصوص العنصر النسائي.