يقترب عام التسامح من العد التنازلي الأخير لإسدال الستار على فعالياته ومبادراته والتي حشدت لها الدولة الكثير من البرامج على مدار العام، والتي وضعت خطوطها العامة اللجنة الوطنية العليا للتسامح برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، والتي كان قد تم تشكيلها بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإعلان 2019 «عاما للتسامح» في دولة الإمارات وبقرار من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
ولعل أهم حدث خلال عام التسامح يوثقه التاريخ للأجيال، الزيارة التاريخية في فبراير الماضي لبابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس للإمارات، الأولى من نوعها إلى بلد عربي مسلم في المنطقة، وما شهدته الزيارة من إقامة قداس تاريخي في مدينة زايد الرياضية، وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والتي تحولت لمرجعية عالمية لاتباع الأديان ومحبي السلام في عالمنا.
مبادرات عظيمة ومشاريع استهدفت تعزيز قيم التسامح والتعايش، وتبصير الأجيال بجمال وعظمة هذه القيمة العظيمة التي تعد مفتاح استقرار وتنمية وتقدم وتطور الأمم والشعوب، وكانت أساس بناء الحضارات الإنسانية التي ازدهرت وهي تمد جسور التفاهم والانفتاح على الآخر دون تهميش أو إقصاء، أو حجر على ثقافة دون أخرى، وبمثل هذه القيم العظيمة تتصدى البشرية للغلو والتطرف الذي يروج له أعداء الحياة وعاثوا في الأرض فسادا وإرهابا وقتلا وخرابا ودمارا.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الدولة على تخصيص أعوام لكل قيمة عظيمة تؤمن بها قيادتنا الرشيدة، نجد البعض ممن لا يستوعب الغايات السامية من تلك المبادرات، فنجده يسطحها بأعمال لا ترقى لمستوى هذه الغايات والمبادرات، وقبل يومين سمعت عن أغرب مبادرة قامت بها جهة رسمية، وهي إطلاق مقهى التسامح ليجتمع فيه موظفوها أو جهة أخرى تنظم حفلا فنيا لفرق أجنبية باسم التسامح دون أن تميز بين معاني التسامح والانفتاح على الثقافات الأخرى.
اليوم ونحن نقترب من عام جديد ستقرر قيادتنا الرشيدة عنوانه العريض نتمنى على الجهات المشاركة أو المنخرطة في تنفيذ المبادرات التركيز على المعاني العميقة للاختيار دون تسطيحه بهذه الصورة الغريبة التي تفرغه من قيمته الحقيقية والغايات السامية له والأهداف النبيلة المتوخاة منه.