الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«الانضباط» سر البطولات!

«الانضباط» سر البطولات!
14 نوفمبر 2019 00:02

عمرو عبيد (القاهرة)

هل تكفي الأموال وحدها لصناعة عملاق يفوز ببطولات كرة القدم؟ وهل يجب أن يفوز دائماً فريق يضم عشرات النجوم من أغلي اللاعبين؟ الحقيقة أن تجربة «جلاكتيكوس» ريال مدريد في مطلع القرن الحالي، مقابل «معجزة» ليستر سيتي قبل أعوام قليلة، تجعل الإجابة صعبة للغاية؛ لأنه لا توجد إجابة قاطعة، لكن كرة القدم الحديثة خلال ما يقارب 100 عام، أكدت أن الانضباط والالتزام بقوانين صارمة، داخل جدران قلاع الأندية، ووجود لوائح للثواب والعقاب، تطبق على الجميع، هو السبيل الأمثل لتحقيق البطولات.
الكرة الإنجليزية شهدت واقعتين في يوم واحد، جذبتا اهتمام الصحافة الرياضية تماماً، وكل منهما تتعلق بفرض الانضباط الصارم داخل منظومة الفريق الواحد، حيث قرر مدرب «الأسود الثلاثة»، جاريث ساوثجيت، إبعاد رحيم ستيرلنج عن معسكر المنتخب، بعد تكرار «المشاجرة» مع مواطنه، جو جوميز، أثناء انضمامها لمنتخب إنجلترا، ويبدو أن المشادة القوية التي حدث بينهما خلال مواجهة قمة «البريميرليج»، بين السيتي وليفربول، استمرت وتركت آثارها الواضحة، على وجه جوميز هذه المرة، وأثار قرار ساوثجيت جدلاً في الوسط الرياضي الإنجليزي الذي انقسم بين تأييد المدرب، والاعتقاد أنه مبالغ فيه، لكن بدا واضحاً أن المدرب الإنجليزي أراد فرض الانضباط بقوة، ليمنع تكرار أحداث قديمة ارتبطت بـ«الأسود الثلاثة»، عبرت دائماً عن حالة عدم التزام بين صفوفه، ربما كان أشهرها واقعة بول جاسكوين ورفاقه قبل انطلاق «يورو 1996».
الغريب، أنه في ذات اليوم، انتشرت عبر مواقع الصحف الكبرى، مثل ذا صن ومترو، صورة للائحة الداخلية للعقوبات المالية المفروضة في تشيلسي، تحمل توقيع المدرب فرانك لامبارد، بتاريخ 27 أغسطس الماضي، وحملت قائمة الممنوعات والغرامات الكثير من التفاصيل الانضباطية القوية، مثل تغريم أي لاعب يتأخر عن بداية موعد تدريب الفريق، مبلغ قيمته 20 ألف جنيه استرليني، وتساوي دقيقة التأخير عن اجتماع المدرب مع اللاعبين، 500 جنيه استرليني، ويدفع أي لاعب 1000 جنيه استرليني إذا أصدر هاتفه رنيناً أثناء حصة الطعام أو الاجتماع، كما أن عدم إبلاغ الجهاز الفني بالإصابة أو المرض، قبل موعد التدريب بساعة ونصف الساعة، يكلف صاحبه دفع 10 آلاف جنيه استرليني، ووصفت الصحف الإنجليزية، والعالمية، تلك اللائحة، بالقاسية، لكنها رأت أن التطور الكبير الذي يعيشه «البلوز» في الفترة الحالية، يعود الفضل فيه إلى حالة الانضباط التي فرضها لامبارد على صغار «القلعة الزرقاء» الذين تمكنوا من تجاوز البداية السيئة، وصعدوا بالفريق إلى المركز الثالث في «البريميرليج»، بفارق الأهداف عن «ثعالب ليستر»، الوصيف الحالي، كما يسير بصورة طيبة في دوري الأبطال الأوروبي.

غرامات الريال
بالطبع لم يكن لامبارد وحده هو المدرب الوحيد الذي وضع مثل تلك اللائحة بين فرق أوروبا الكبرى، لأن زين الدين زيدان أراد فرض حالة الالتزام في بداية الموسم الجاري، بعد نهاية غير جيدة للعام الماضي، ووافق زيزو على لائحة «الميرنجي» الداخلية التي حملت عقوبات تتراوح بين 250 و3000 يورو، وقالت الصحف الإسبانية، إن اللاعب الذي يتأخر عن موعد تدريب الملكي بـ30 دقيقة، يتم تغريمه 250 يورو، ترتفع كلما زاد موعد التأخير، لتصل إلى 3000 يورو إذا غاب اللاعب تماماً عن التدريب، ووضعت إدارة الريال غرامات متصاعدة على استخدام الهاتف أثناء التدريب أو تلقي العلاج أو داخل غرف تغيير الملابس، كما أن السفر من دون علم الجهاز الفني، أثناء أيام الراحة، غير مسموح به على الإطلاق، كما أن تجاوز الوزن المثالي يكلف صاحبه غرامة متصاعدة تبدأ من 250 يورو، من دون حد أقصى، بجانب ضرورة حضور المؤتمرات الصحفية بملابس رسمية، وعدم استقبال أي زيارة داخل غرف اللاعبين أثناء السفر خارج العاصمة، لكن يبدو أن تلك اللائحة لم تؤتِ ثمارها في «قلعة البلانكوس»، خاصة في ظل حالة «التمرد الضمني»، التي يعد جاريث بيل وخاميس رودريجيز أبرز قادتها، بعدما ابتعدا عن المشاركة مع الفريق، لكنهما ظهرا بصورة طبيعية جداً مع منتخبي، ويلز وكولومبيا، خلال المعسكر الحالي!
وفي الأسبوع الماضي، كانت إيطاليا على موعد مع قرارات عنيفة من إدارة نابولي، بعد سلسلة من الإخفاقات والنتائج السيئة للفريق، دفعت به إلى المركز السابع في «سيري آ»، كما أن أداء اللاعبين في «الشامبيونزليج» لا يبشر بنتائج طيبة في الدور القادم، المتوقع بلوغه، ولهذا فرضت إدارة «البارتينوبي» على الفريق دخول معسكر مغلق، على سبيل فرض الانضباط وتوجيه تحذير للجميع، إلا أن اللاعبين رفضوا الانصياع لأوامر السماوي، وفشل أنشيلوتي في إنقاذ الموقف، ليدخل نابولي نفقاً مُظلماً بعدما واصل نتائجه السيئة، والتلميح لبيع أبرز النجوم، بسبب التمرد، وتبدو أيام كارلو معدودة إذا فشل في تدارك الموقف مع فترة التوقف، وفي «قلعة السيدة العجوز»، كشفت إدارة «البيانكونيري» عن وجه شرس، في مواجهة ردود فعل النجم، كريستيانو رونالدو، عقب تبديله في مباراتين متتاليتين، كان آخرها أمام ميلان، حيث غادر الدون الملعب قبل انتهاء المباراة، وقالت بعض الصحف إنه تفوه بلفظ خارج أثناء تبديله، وبرغم محاولة التقليل من شأن هذا التمرد، إلا أن كل الأخبار الواردة من إيطاليا، تؤكد أن على رونالدو توجيه الاعتذار للمدرب، ماوريسيو ساري، وبقية اللاعبين، وإلا ستكون بداية نهاية مسيرة «صاروخ ماديرا» القصيرة مع اليوفي!

حدث في «مونديال 1938»
الطليان.. الفوز أو القتل!

قبل انطلاق أي نسخة من بطولات كأس العالم، تعود عادة رواية «مونديال 1938» إلى دائرة الضوء، فالبعض يؤكدون أن بينيتو موسوليني، ديكتاتور إيطاليا القديم، هدد لاعبي «الآزوري» بالقتل، إذا لم يفوزوا بتلك النسخة من كأس العالم، وآخرون أنكروا واقعة إرسال موسوليني ببرقية إلى لاعبي المنتخب، قبل المباراة النهائية أمام المجر وقتها، مكونة من كلمتين فقط، قال فيها «إما الفوز.. أو القتل !»، وهو ما جعل حارس المجر، أنتال زابو، يقول عقب المباراة، إنه تلقى 4 أهداف، لكنه أنقذ رقاب 11 لاعباً، إلا أن لاعب المنتخب الإيطالي في ذلك الوقت، بيترو رافا، أكد أن البرقية حملت تشجيعاً وتحفيزاً من قبل الرئيس الإيطالي، ولم يكن فيها أي تهديد، لكن القصة ظلت مرتبطة بالمونديال الفرنسي، الذي حصدت فيه إيطاليا بالفعل لقبها العالمي الثاني.
وفي جانب آخر من العالم، في أفريقيا، كانت هناك قصة غريبة، ارتبطت بالمنتخب الإيفواري، الذي أقصي من الدور الأول في كأس أمم أفريقيا عام 2000، ليقرر الرئيس المؤقت آنذاك، روبرت جوي، نقل لاعبي الأفيال إلى قاعدة عسكرية في زامبراكو، وسحب جوازات السفر وهواتفهم المحمولة بمجرد وصولهم إلى الأراضي الإيفوارية، وهددهم بأن عدم تحسن النتائج في المستقبل، سيجعله يجبرهم على تأدية الخدمة العسكرية، وإبعادهم عن اللعب مع فرقهم الأوروبية، وقضى اللاعبون 3 أيام في ذلك المعسكر، تلقوا خلالها محاضرات عن الانضباط والوطنية، والغريب أن تلك التجربة، برغم اعتراض الاتحاد الدولي لكرة القدم عليها في ذلك الوقت، أتت نتائجها لاحقاً، بعد نجاح جيل جديد من الأفيال في بلوغ مونديال 2006، للمرة الأولى في التاريخ، واستمر المنتخب الإيفواري في الظهور العالمي، خلال نسختي 2010 و 2014 أيضاً!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©