في كرة القدم كل شيء جائز ووارد، إلا التجريح والغلط والغضب والشغب، فكرة القدم جميلة بتنوعها، وبالدراما المثيرة التي تغلف مبارياتها، وبمماحكات جماهيرها، وبتقلبات صفحاتها وأعلامها، وبطقطقة الجميع على بعضهم البعض، ولكنها تصبح «بشعة» عندما يتحول الحب إلى غضب وشغب، ووصلت الأمور برئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت ثاتشر إلى التفكير بإلغاء هذه اللعبة أو حظرها، بعد أحداث الشغب التي خلفت قتلى وجرحى في مأساة هيسيل الشهيرة في 29 مايو 1985، بين مشجعي ليفربول ويوفنتوس، قتل على إثرها 39 شخصاً وجرح 600، تم بعدها منع الأندية الإنجليزية من المشاركة أوروبياً لخمس سنوات، وليفربول سنة إضافية.
هذا الكلام أسوقه بشكل عام، لأنني منذ 2010 تشرفت بإطلاق حملة لا للتعصب، بعد مأساة مباراة مصر والجزائر في أم درمان، ولا أريد لأي «عشق أن يتحول إلى عشق مضرّ ولا أقول قاتل»، وكل من يقول إن مجتمعاتنا أو كرتنا لن يحدث فيها شيء مما ذكرته، أقول له إن كرة القدم لعبة عاطفية، وعندما يكون المشجع حزيناً وغاضباً، ومتأثراً بخسارة فريقه، نراه وقتها في حالة عاطفية، تكون فيها المشاعر أقوى من العقل وبالتالي، فإن أي استفزاز إضافي قد يقود إلى ما لا يحمد عقباه، ولهذا تم منع الأولتراس في الإمارات، لأن فكرة الأولتراس «التي أقف ضدها تماماً»، صنعت قوة إضافية لها القدرة على قيادة الجموع السعيدة والغاضبة، وشاهدنا ما حدث في مصر، حين فقد 74 شاباً حياتهم، وليس كل ما يحدث لدى الآخرين مناسباً لنا، ولهذا أتمنى على اللاعبين والمدربين والإعلاميين «ليس في الإمارات وحدها، بل في أي مكان وزمان يتم فيه قراءة هذه المقالة»، أتمنى عليهم التفكير مرتين، قبل اتهام جهة من الجهات بأنها المتسببة بالخسارة، لأنه في بلد عربي مثلاً حدث أن تم تفجير منزل مدرب أتهمه البعض بالتخاذل أو بيع مباراة، أو التسبب بخسارة فريق، ونحن لا نريد أن نصل إلى ذلك المستوى، ولا أحد على رأسه خيمة.
دوري الخليج العربي وكرة الإمارات ما زالت في بر الأمان من الشغب والمشاكل على المدرجات، ولكن يجب أن نزيد من جرعة التوعية، وأن نخفف من الكلمات التي تؤجج المشاعر، ليس لأن التعبير ممنوع، بل لأن الكلام مسؤولية في البداية والنهاية، مهما كانت صفة صاحبه.